للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* خلاف العلماء:

اختلف العلماء في وجوب غُسْل المستحاضة لكلِّ صلاة:

فذهب جمهور العلماء، ومنهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وهو مرويٌ عن علي، وابن عبَّاس، وعائشة: إلى أنَّه لا يجب؛ استصحابًا للبراءة الأصلية.

وأجابوا عن أحاديث الأمر بالغسل أنَّه ليس فيها شيء ثابت.

قال الشيخ صِدِّيق في شرح الروضة: لم يأت في شيء من الأحاديث إيجابُ الغسل لكلِّ صلاة، ولا لكلِّ صلاتين، ولا في كل يوم، بل الَّذي صحَّ إيجابُ الغسل عند انقضاء وقت حيضها المعتاد، أو عند انقضاء ما يقومُ مقامَ العادة من التمييز بالقرائن؛ كما في حديث عائشة في الصحيحين وغيرهما بلفظ: "فإذا أقبلت الحيضة، فدعي الصلاة، فإذا أدبرت، فاغسلي عنك الدم وصلي".

وأمَّا ما في مسلم (٣٣٤)، بأنَّ أمَّ حبيبة بنت جحش كانت تغتسل لكلِّ صلاة، فلا حجَّة في ذلك؛ لأنَّها فعلته من جهة نفسها، ولم يأمرها النَّبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، بل قال لها: "امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثمَّ اغتسلي".

وقد وَرَدَ الغسلُ لكلِّ صلاة من طرق لا تقومُ بمثلها حجَّة، لا سيَّما مع معارضتها لما ثبت في الصحيح، ومع ما في ذلك من المشقَّة العظيمة، والشريعةُ سمحةٌ سهلةٌ؛ قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].

وذهب بعضهم: إلى وجوب الغسل على المستحاضة لكلِّ صلاة؛ عملًا بأحاديث وردت في بعض السنن.

والأوَّل أرجح؛ فقد قال شيخ الإسلام: والغسلُ لكلِّ صلاةٍ مستحبٌّ، ليس بواجبٍ عند الأئمة الأربعة وغيرهم، بل الواجبُ عليها: أنْ تتوضَّأ لكلِّ صلاة من الصلوات الخمس عند الجمهور.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>