وإنما وردت بصفة الإخبار عن داود -عليه السلام- بأنَّه سجدها شكرًا لله، وسجدها نبينا -صلى الله عليه وسلم- اقتداءً به، وعند النسائي (٩٥٧) أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال:"سجدها داود توبة، ونسجدها شكرًا"، فينبغي أن نقتصر في سجودها على خارج الصلاة، وسجدة الشكر محلها خارج الصلاة.
٢ - المشهور من مذهب الإمام أحمد: أنَّ السجود لأجل سجدة (ص) يبطل الصلاة، وقيل: لا تبطل بها الصلاة؛ لأنَّها تتعلق بالتلاوة، فهي كسائر سجدات التلاوة.
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي: الصحيح أنَّ سجدة (ص) لا تبطل الصلاة؛ لأنَّ سببها القراءة المتعلقة بالصلاة.
وعدم السجود بها في الصلاة هو الراجح من مذهب الإمام الشافعي، قال في "فتح الباري": استدل الشافعي بقوله "شكرًا" على أنه لا يسجد فيها في الصلاة؛ لأنَّ سجود الشكر لا يشرع في داخل الصلاة.
وقد صح الحديث بسجود النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها خارج الصلاة.
٤ - قال مجاهد: سألتُ ابن عباس عن سجدة (ص)، فقال: أُمِرَ نبيكم أن يقتدي بالأنبياء في قوله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام: ٩٠] قال الرازي: أوجب أن تجتمع به جميع خصائص الأنبياء، وأخلاقهم المتفرقة.
٥ - قال الشيخ عبد الله بن محمد السوداني في تفسيره:"كفاية أهل الإيمان": اعلم: أنَّ الله لم يحك لنا ما فعل داود مفصلاً، بل ستره عليه، فيجب على كل مسلم ألا يخوض فيه، إلاَّ على أحسن المخارج.