أمته، ولا يعنيه شأن المسلمين أهل ملته، حتى ولا جاره، وكثير مما يبحثه لا شأن للعمل ولا للدعوة به، سوى القيل والقال، والردود على صفحات الكتاب، ويراه غاية الغايات، يزن الناس بميزان انقطاعهم إليه، ويعيب عليهم التلفت إلى غيره.
ومنهم من يكون متعبداً في ذاته، صالحاً في نفسه، لا يُعلّم غيره، ولا يهتم بشؤون المسلمين.
ومنهم من طلب العلم لدنيا يصيبها، أو منزلة في الدنيا يرتقيها، لا تجد عليه أثر التعبد والتقوى، ولا هو انتفع بعلمه، ولا نفع به.
ومن أصحاب العمل: من ظن أن التعبد المحض هو المقصود، فتعبد الله على غير علم، وما يدري هذا أن عمله وبال عليه، ومنهم من يدعو، ومنهم من لا يدعو.
ومنهم من على علم تعبدوا ولكنهم عن الناس انفصلوا، وعن الدعوة انقطعوا، فلا أثر لهم في الناس، ولا في الدعوة إلى الله.
همه صلاته وصيامه، يمر بالمنكر -حتى في أهله- فلا يتمعر وجهه، ويمر بمواطن الأمر بالمعروف فلا يأمر به حتى في أصحابه.
وطرف من هؤلاء: انشغل بنصرة الإسلام بغير علم أو عمل، فحماسته أكبر من علمه، وعاطفته أكثر من عمله، يظن أن الإسلام ينتصر بمجرد رفع الشعارات، والهتاف بالعبارات، والبكاء على الغابرات، ولطم الخدود من النازلات، والتأوه من الحادثات، والجري وراء السياسات، التي لا تغني في نصر دين، ولا تنفع في إقامة شرع.
وما درى أن نصر الإسلام لا يكون إلا بطريق الإسلام، وطريق نصر الإسلام على طريق الإسلام واضح، لا لبس فيه، فهو نصر النفس به أولاً، ثم بمن حولك، ثم بالآخرين، حتى تتكون نواة المجتمع الإسلامي.
وذلك يكون عن طريق العلم فالعمل فالدعوة {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور: (٥٤)].
وطرف يجوب الأرض بدعوته، مضحياً بماله ونفسه، ولكنه مقصر في طلب العلم، وفي الدعوة إليه، أو معرض عنه، زاهد فيه، مما أدى إلى تقصير في الدعوة إلى لب الإسلام -