التوحيد-، ولو أنهم طلبوا علم الكتاب والسنة، واهتموا بالدعوة إلى التوحيد والسنة الصحيحة، لكان لهؤلاء القوم شأن عظيم، في هداية العباد، وإصلاح البلاد.
وليس المقصود بالتوحيد كلمة (لا إله إلا الله) من غير معرفة لمعناها، وتحقيق لشروطها، وعمل بمقتضاها.
وليس المقصود بالتوحيد الدخول في كل أمر عقدي تفصيلي فرعي، ولهذا الأمر مقام آخر للتفصيل.
الحق والصواب في الموازنة بين العلم والعمل والدعوة:
إن الحق والصواب في هذه الثلاث: أن تتابع وتتوازى وتتوازن.
أما التتابع فهو: أن يبدأ بالعلم في كل شأن، فكل ما يبنى على غيره يتصدع {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} [التوبة: (١٠٩)].
فلا توحيد إلا بعلم:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: (١٩)]. ولا صلاة إلا بعلم، ولا دعوة إلا بعلم، ولا سياسة إلا بعلم، ولا نصر للإسلام إلا بعلم.
ثم تكون الدعوة المبنية على العلم النافع، والمدعومة بالعمل الصادق الموفقَّ.
أما التوازي فهو:
أن يكون في الأمة المتحدة المتعاونة: خط علمي، وخط عملي جماعي، ودعوة شاملة، تسير هذه الخطوط جنباً إلى جنب، متتابعة في نشأتها، متوازية في مسيرها، ثم يكون العمل، حتى لا ينالنا قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: (٢)].
وإن أي خلل في هذا التوازي، كغلبة جانب على آخر، أو فقدان أحد هذه الثلاثة أو تخلفها، يعني انحراف الأمة، وتخبطها، وهذا التوازي فيما يخص الأمة، أما بشأن الأفراد وبعض المواقف والمقامات، فيخضعون إلى التوازن.