هو: أن يعطى لكل فرد قدره، وأن تراعي مقدرته وما يناسبه، وأن لكل موقف ومقام حكماً ومقالاً.
فليس كل فرد من الأمة يمكنه أن يكون عالماً، أو عاملاً عملاً جماعياً مثمراً، أو داعية متفرغاً.
بل قد يكون الرجل أقدر على العلم منه على العمل، أو على العمل أشد إقبالاً منه على الدعوة، أو يحسن الدعوة بما آتاه الله من حكمة، ولسان طيب أكثر من إحسانه في العلم، نظراً لقدراته الشخصية.
ولا مانع -إذن- أن يغلب جانب على جانب عند بعضهم، ولكن الممنوع أن يقصر في أحد جوانب، أو يغلب أحدهما عند الأمة كلها، فتصبح الأمة مشلولة في هذا الجانب، كأن تخلو الأمة من العلماء، أو من العاملين، أو من الدعاة، وحينئذ يكون الخلل، وهاهنا تكمن المصيبة، بل الكارثة.
وقد تحتاج الأمة في مقام معين، أو في ظرف خاص إلى مزيد من الاهتمام بجانب دون الجوانب، كالاهتمام بالجهاد ضد عدو غاز، فحينئذ ينزل العلم والدعوة، ويتفرغ للجهاد.
أما بشأن واقع الجمعيات والجماعات المعاصرة اليوم، فإن غلب أحد هذه الثلاثة: العلم، والعمل، والدعوة على بعضها، وكان بينهم تشاور وتعاون، فلا بأس بذلك، إذا كانوا متجمعين غير حزبيين فهم يشكلون -حينئذ- كيان الأمة، وأما إذا كانت هذه الجماعات متحزبة، لا تشاور بينها، ولا تعاون، فثمة الكارثة، بل الكوارث.