العالمين، ومن تأمل آيات القرآن، أو غايات الإسلام، وسيرة الرسل والعلماء تبين له ذلك بوضوح.
- يجب أن يكون بحثنا إلى ما ندعو؟ كيف ندعو؟ كيف نقيم الحجة؟ كيف نتحلى بالصبر والاحتساب، مهما طال أمد الدعوة؟ فإن نوحاً عليه الصلاة السلام رغم إقامته الحجة على قومه من أول دعوته، لم يتوقف عن الدعوة، ولم ينشغل أو يعتذر بذلك عن استمرار دعوته، وتبليغه رسالة ربه، خلال هذه السنين الطوال.
- إن بحث قضية إقامة الحجة في الدنيا من شأن ولي الأمر، وأهل الحل والعقد والقضاء؛ وذلك لإقامة موجباتها من حرب، وقتل، واستتابة، وليس من شأن كل من هب ودب، أو دعا، أو طلب العلم.
- تتأكد مصلحة معرفة قيام الحجة على الأفراد، إذا ترتب على معرفتها أحكام شرعية، كالإرث، والصلاة على الميت، والترحم، وكذلك للحكم على عين لمعرفة مسلكه، لأجل اتخاذ موقف منه، أو معرفة أهليته لطلب العلم عنده.
- يتم ذلك بتقدير الأمر تقديراً صحيحاً، من غير إفراط أو تفريط، كالدواء، فإذا ترك الدواء، ازداد السقم، وإذا تجاوز حده ازداد الضرر، ومثله كمثل الذي يتناول الدواء من غير وصفة طبيب، والعلماء أطباء الناشئة، وحكماء الأمة.
- إن إقامة الحجة يحتاج إلى علم صحيح، وتبليغ مبين، وأسلوب قوي، وحكمة بالغة، وحجة داحضة، لبيان الحق، ودفع الباطل، وإزالة الشبه، وعلى هذا فلا يستطيع كل عامي، أو داعية، أو طالب علم، أن يدعي أنه أقام الحجة على كل فرد ممن يدعوهم، فمنهم ومنهم، والأنبياء هم الذين يقطع بإقامتهم الحجة على كل من يدعونهم فرداً فرداً، وذلك لكمال علمهم، وتمام حكمتهم وتقواهم.
ومن فطنة طالب العلم: أن يفرق بين بيان الله ورسله لقوم بلسانهم، وبين بيان الناس بأسلوبهم، فأما بيان الله ورسله فهو تبيين لهم قطعاً، فما أحسن من الله بياناً، ولا أقوى منه