ومن ذلك: ما نقلناه عنه قبل قليل: "ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع مشكورة، وحسنات مبرورة، ولا ريب أن من اجتهد في طلب الحق والدين من جهة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأخطأ في بعض ذلك فالله يغفر له خطأه، تحقيقاً للدعاء الذي استجابه الله لنبيه وللمؤمنين حيث قالوا:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[سورة البقرة: ٢٨٦]. ومن اتبع ظنه وهواه فأخذ يشنع على من خالفه بما وقع فيه من خطأ ظنه صواباً بعد اجتهاده، وهو من البدع المخالفة للسنة، فإنه يلزمه نظير ذلك أو أعظم أو أصغر فيمن يعظمه هو من أصحابه، فقل من يسلم من مثل ذلك في المتأخرين".
ومن ذلك كذلك ما نقلناه قبل قليل عن ابن القيم -بعد أن تكلم عن أهل البدع-: "وهذه الشطحات أوجبت فتنة على طائفتين من الناس، إحداهما: حجبت بها عن محاسن هذه الطائفة ... ، والطائفة الثانية: حجبوا بما رأوه من محاسن القوم، وصفاء قلوبهم، وصحة عزائمهم، وحسن معاملاتهم عن رؤية عيوب شطحاتهم، ونقصانها، فسحبوا عليها ذيل المحاسن، وأجروا عليها حكم القبول والانتصار لها، واستظهروا بها في سلوكهم.
وهؤلاء أيضاً معتدون مفرطون.
والطائفة الثالثة: -وهم أهل العدل والإنصاف- الذين أعطوا كل ذي حق حقه، وأنزلوا كل ذي منزلة منزلته، فلم يحكموا للصحيح بحكم السقيم المعلول، ولا للمعلول السقيم بحكم الصحيح، بل قبلوا ما يقبل، وردوا ما يرد، ألا ليت بعض الناس يسمعون، ويعقلون وينصتون، وهذا هو الذي عليه هذان العالمان ابن باز والألباني فاسألوهم إن كنتم صادقين.
(١) وإذا خالف هذا القول قول أهل السنة وبخاصة هذين الإمامين، فأنا راجع عنه في حياتي وبعد مماتي، وسوف أكتب تفصيلاً في هذا إن شاء الله تعالى، لكن ما يزال بعض الناس في إعجابهم برأيهم سادرين، وعلى الأئمة متعالمين، وكأنهم يرون أنفسهم معصومين.