ويعم انتشاره في المعمورة كلها، ولو حاول ما حاول الكارهون له من المشركين والمنافقين، فالله هو صاحب الأمر، وهو الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو الذي يعلم سر كل شيء، وهو -لا غيره- الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون.
ثم تأتي الأحاديث المباركة لتؤكد هذا المعنى معنى الظهور الحسي، والاستعلاء المادي، على أديان البشرية جميعاً.
فعن ثوبان - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((إن الله زوى -أي: جمع وضم- لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها)). [رواه مسلم:(٨/ ١٧١)].
وعن تميم الداري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل به الكفر)) [رواه أحمد: (٤/ ١٠٣) وصححه شيخنا الألباني في الصحيحة (١/ ٧)].
قال شيخنا الألباني في السلسلة الصحيحة (١/ ٧): "ومما لا شك فيه أن تحقيق هذا الانتشار يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء، في معنوياتهم ومادياتهم وسلاحهم، حتى يستطيعوا أن يتغلبوا على قوى الكفر والطغيان".
قلت: وهذا الذي أشار إليه هذا الإمام، قد أشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبل، بما ستكون عليه حال الأمة في آخر الزمان، من الخلافة الراشدة، والقوة المانعة.
فعن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً، فيكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت)) [رواه أحمد: (٤/ ٢٧٣) وصححه شيخنا في السلسلة (١/ ٧)].