للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما جاء في الحاكمية الشرعية بمعنى الأمر والنهي {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} [الممتحنة: (١٠)].

والمقصود بهذا: التسليم التام، والرضى بالقلب، والإذعان بالجوارح، لحكم الله تعالى وشريعته، المتمثلة بالكتاب والسنة والإجماع، والاعتقاد الجازم، بأنه لا شرع إلا شرعُه، ولا حكم إلا حكمُه، ولا تحاكم إلا إليه.

وحاكمية الألوهية هذه تعني أمرين: الحكم بما نزّل الله، والتحاكم إلى ما أنزل.

والحكم بما نزّل الله، والتحاكم إليه، يشمل شرعه كافة، ويعم شؤون الحياة كلها، في العقائد والعبادات، وفي الواجبات والمندوبات، وفي الأخلاق والسلوك، وفي القضاء بين العباد، وفي الأحكام السلطانية، والعلاقات الدولية.

ومن حكم بغير شرعه، أو تحاكم إلى غيره (١)، فقد أخل بالتوحيد، وأتى كفراً عظيماً {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [سورة المائدة: (٤٤)]. فإن كان ذلك بقلب واعتقاد، من استحلال، أو استهزاء، أو رد، أو ... ، فقد كفر، وإلا فقد وقع في الكفر، واتصف بصفة من صفات أهله، وأتى كبيرة من الكبائر، كالمرتشي ومن شابهه، ممن يحكم بغير ما أنزل الله.

وقد أمر الله بالحكم بما أنزل، وحذر من الإعراض عنه فقال: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: ٥٠].

فمن أعرض عن ذلك، فقد اتبع هواه.


(١) في هذا تنبيه إلى قصور بعضهم في فهم الحاكمية، حيث يحصرها بعضهم في أحكام القضاء: قتل، جلد، رجم، قطع، وبعضهم يحصرها في الحكم، دون العبادات والطرق (المنهج)، فلا يتحاكم إلى شريعة الله فيها، وآخرون لا يرون التحاكم مع بعض الناس، لأنه من قبيلة غير قبيلته، أو من بلد ليس بلده. وآخر كفر سمعناه من بعضهم، رفضهم للتحاكم بعذر ((اللائق)) فقالوا: (ليس من اللائق التحاكم مع فلان .. ) {كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا} بل كفراً.

<<  <   >  >>