للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧٦٢ - ز- حدثَنا الصاغاني، وأبو دَاود السِّجْزِي (١) قالا: حدّثنا هارون بن مَعْروف (٢)، حدّثنا ابن وَهْبٍ (٣)، عن جَرير بن حازم (٤) أنَّه سَمَعَ قتادة بن دَعَامَةَ (٥)، حَدثَنا أنس بن مالك، أَنَّ رَجُلًا جاء إلى رسولِ الله وقد توضَّأَ وَترك على قدمِهِ مثل

⦗٥١٢⦘ مَوضِعِ الظُّفُرِ، فَقال النّبيّ : "ارْجِعْ فَأَحْسِن وُضُوءَكَ" (٦).

قال أبو داود: ليس هذا الحديث بمعروفٍ عن جَريرٍ، ولا عن قتادة، وَلم (٧) يَروِه إِلَّا ابن وهب (٨).


(١) هو سليمان بن الأشعث السجستاني، والحديث في سننه -كتاب الطّهارة- باب تفريق الوضوء (١/ ٤٤ ح ١٧٣).
(٢) المروزي، أبو علي الخزَّاز الضرير، نزيل بغداد.
(٣) في (م): "بلال بن وهب"، وفي (ط): "حدّثنا وهب".
(٤) ابن عبد الله بن زيد الأزدى العتكي، أبو النضر البصري، ثقة، وفي حديثه عن قتادة كلامٌ سيأتي في الكلام على تعليق أبي داود عقب الحديث.
(٥) ابن قتادة السدوسي، أبو الخطّاب البصري.
ووقع في (ط) و (ك) "قتادة" بدون ذكر اسم أبيه، وفيهما أيضًا: "قال: حدّثنا أنس".
(٦) لم يخرجه مسلم من حديث أنس، وقد أخرجه الإمام أحمد في المسند (٣/ ١٤٦).
وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (١/ ٨٤ - ٨٥) من طريق أصبغ بن الفرج كلاهما عن هارون بن معروف، عن ابن وهبٍ به.
وأخرجه ابن ماجه في السنن -كتاب الطّهارة- باب من توضأ فترك موضعًا لم يصبه الماء (١/ ٢١٨ ح ٦٦٥) عن حرملة بن يحيى.
وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (١/ ٨٤ - ٨٥) عن أحمد بن عبد الرّحمن بن أخي ابن وهب.
وأخرجه الدارقطني في سننه (١/ ١٠٨) من طريق ابن أخي ابن وهب كلاهما عن ابن وهب عن جرير بن حازم به.
فائدة الاستخراج:
زاد المصنِّف على مسلم هذا الحديث في الباب، وهذا من فوائد الاستخراج.
(٧) في (ط) و (ك): "لم" بدون الواو.
(٨) العبارة في سنن أبي داود كالتالي: "وهذا الحديث ليس بمعروف عن جرير بن حازم، ولم يروه إِلَّا ابن وهب، وقد روى معقل بن عبيد الله الجَزَري، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر، عن النبي ".
وقال الدارقطني عقب الحديث: "تفرَّد به جرير بن حازم عن قتادة، وهو ثقة".
فكأن الدارقطني رحمه الله تعالى يذهب إلى صحة الحديث لثقة جرير بن حازم، وأمّا أبو داود فكأنه يعلّ الحديث ويُلقي بالتبعة فيه على ابن وهب بقوله: "ليس بمعروف عن جرير بن حازم، ولم يروه إِلَّا ابن وهب". =
⦗٥١٣⦘ = ونحوه صنيع ابن عدي، فإنّه قد ذكر حديثين لابن وهبٍ عن جرير -أحدهما هذا الحديث- ثمّ قال: "وهذان الحديثان تفرَّد بهما ابن وهب، عن جرير بن حازم، ولابن وهب غير ما ذكرت غرائب"، وابن عدي رحمه الله تعالى مع قوله بأن لجرير إفرادات عن قتادة لا توجد عند غيره -كما سيأتي في كلامه- فإنّه في هذين الحديثين بالخصوص يشير إلى تفرُّد ابن وهبٍ عنه به.
وقد ذهب بعض العلماء إِلَّا أن جريرًا وإن كان ثقة فإنّه ليس كذلك في قتادة بالذات.
قال عبد الرّحمن بن مهدي: "يُضعَّف في حديثه عن قتادة"، وسأل عبد الله بن أحمد ابنَ معين عن جرير بن حازم فقال: "ليس به بأس، فقلت له: إنَّه يحدّث عن قتادة، عن أنس مناكير؟ فقال: ليس بشيءٍ، هو عن قتادة ضعيف".
وقال الإمام أحمد: "كأن حديثه عن قتادة غير حديث النَّاس، يوقف أشياء، ويسند أشياء"، وقال أيضًا: "كان يحدِّثهم -بالتوهم- أشياء عن قتادة يسندها بواطيل".
وقال أيضًا: "حدَّث بالوهم بمصر، ولم يكن يحفظ".
ونحوه قول الأزدي: "جرير صدوق، خُرِّج عنه بمصر أحاديث مقلوبة، ولم يكن بالحافظ".
ولعلّ هذا الحديث ممّا حدَّث به بمصر من حفظه -ووهم فيه- فأخذه عنه عبد الله بن وهب وهو مصري.
وذكر ابن رجب أن الإمام أحمد وابن معين أنكرا أحاديث لجرير بن حازم منها هذا الحديث الّذي أخرجه المصنِّف.
وقال ابن عدي بعد أن ذكر جملة ممّا أنكره عليه عن قتادة وغيره: "ولجرير بن حازم أحاديث كثيرة عن مشايخه، وهو مستقيم الحديث صالح فيه، إِلَّا أن روايته عن قتادة؛ فإنّه يروي أشياء عن قتادة لا يرويها غيره، وجرير عندي من ثقات المسلمين حدَّث =
⦗٥١٤⦘ = عنه الأئمة من النَّاس: أيوب السختياني، وابن عون، وحماد بن زيد، والثوري، والليث بن سعد، ويحيى بن أيوب المصري، وابن لَهيعة وغيرهم".
وقال الذهبي في الميزان: "أحد الأئمة الكبار الثقات، ولولا ذكر ابن عدي له لما أوردته … وفي الجملة لجرير عن قتادة أحاديث منكرة"،
وقال ابن حجر: "ثقة، لكن في حديثه عن قتادة ضعفٌ، وله أوهامٌ إذا حدَّث من حفظه".
وذكره الشّيخ صالح الرفاعي في كتابه النافع "الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم"، وخلص إلى نحو هذه النتيجة الّتي ذكرها الحافظ ابن حجر.
ويظهر - والله أعلم - أن إشارة أحدهما داود رحمه الله تعالى إلى حديث معقل الجزري، عن أبي الزبير، عن جابر يريد به أن أصل الحديث هو حديث جابر.
وحدَّث به جرير من حفظه بمصر فوهم فيه فجعله عن قتادة عن أنس، وكأن إيراد المصنِّف لحديث جابر أوَّلًا ثمّ ذكره لحديث جرير عن قتادة عن أنس، ثمّ إتباع ذلك بأسانيد يؤيِّد بها رواية جابر إشارة إلى تعليل حديث أنس، والله أعلم.
فإن قيل: فلم يورد حديث أنس أصلًا في المستخرج وهو ليس في صحيح مسلم؟ يقال: لعلّه في صحيح أحمد بن سلمة، ففي إيراد حديث أنس على هذه الصورة استخراجٌ وتعليل، والله أعلم.
انظر: العلل رواية عبد الله بن أحمد (٣/ ١٠)، الضعفاء للعقيلي (١/ ١٩٨)، الكامل لابن عدي (٥٤٨ - ٥٥٤)، الميزان للذهبي (١/ ٣٩٢)، شرح علل التّرمذيّ لابن رجب (٧٨٤)، تهذيب التهذيب (٦٣)، والتقريب لابن حجر (٩١١)، الثقات الذين ضعفوا في بعض شيوخهم للشيخ صالح الرفاعي (ص: ٢٠٠).