ضعفه أبو حاتم، والحاكم، وغيرهما، وقال مطيَّن: "كان يكذب". وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه الدارقطنِي، ومسلمة بن القاسم، والخطيب وغيرهم. وليس تضعيف من ضعفه لأجل نكارة حديثه، وإنما لأنه روى عن القدماء الذين يُشتبه في أنه لم يلقهم. قال ابن حبان: "ربما خالف، ولم أر في حديثه شيئًا يجب أن يعدل به عن سبيل العدول إلى سَنَن المجروحين". وقال ابن عدي: "رأيت أهل العراق مجمعين على ضعفه، ولا يعرف له حديثٌ منكر، وإنما ضعَّفه أنه لم يلق من يحدّث عنهم". ونحوه قال أبو يعلى الخليلي. ولم يثبت أنه روى عمر، لم يلقهم، وإنما اعتنى به أبوه فأسمعه من القدماء أمثال: يونس بن بكير وحفص بن غياث، وأبي بكر بن عيَّاش ونحوهم وهو صغير، وكان سماعه في كتب أبيه. قال الدارقطنِي: "اختلف فيه شيوخنا، ولم يكن من أصحاب الحديث، وكان سماعه في كتب أبيه". وقال أبو كريب: "سمع معنا مع أبيه مغازي يونس بن بكير"، وقال الحكم: "سمعت القاضي محمد بن صالح يذكر عن شيوخه أنهم لم يشكوا في صدق أحمد بن عبد الجبار". ⦗١٢٤⦘ = وقال الخطيب: "كان أبو كريب من الشيوخ الكبار الصادقين الأبرار، وأبو عبيدة السري بن يحيى شيخ جليل أيضًا ثقة من طبقة العطاردي، وقد شهد له أحدهما بالسماع، والآخر بالعدالة، وذلك يفيد حسن حاله، وجواز روايته، إذ لم يثبت لغيرهما قولٌ يوجب إسقاط حديثه، واطِّراح خبره، فأما قول الحضرمي في العطاردي أنه كان يكذب فهو قولٌ مجملٌ يحتاج إلى كشفٍ وبيان فإن كان أراد به وضع الحديث فذلك معدومٌ في حديث العطاردي، وإن عنى أنه روى عمر، لم يدركه فذلك باطلٌ أيضًا؛ لأن أبا كريب شهد له أنه سمع معه من يونس بن بكير، وثبت أيضًا سماعه من أبي بكر بن عياش، فلا يستنكر له السماع من حفص بن غياث وابن فضيل، وكيع، وأبي معاوية؛ لأن أبا بكر بن عيَّاش تقدمهم جميعًا في الموت، وكان والده من كبار أصحاب الحديث فيجوز أن يكون بكَّر به، وقد روى العطاردي عن أبيه عن يونس بن بكير أوراقًا من مغازي ابن إسحاق، ويشبه أن يكون فاته سماعها من يونس فسمعها من أبيه عنه، وهذا يدل على تحريه للصدق، وتثبته في الرواية والله أعلم". ونحو هذا الكلام قال الذهبي في السير، وهو كلامٌ في غاية التفصيل والدقة، ويبدو أن الحافظ ابن حجر ﵀ رجَّح جانب أقوال المضعفين مع اقتناعه بسماعه للسيرة مع أبي كريب من يونس بن بكير فلذا قال في التقريب: "ضعيف، وسماعه للسيرة صحيح". والظاهر أن تفصيل الخطيب أقرب للصواب، فأقل الأحوال أن يكون حسن الحديث، وقد قرَّر ابن عدي وابن حبان أنهما لم يجدا له حديثًا منكرًا، والله أعلم. وأما الحديث فقد جاء من طريق أخرى كما سبق في الحديث الذي قبله. انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٢/ ٦٢)، الثقات لابن حبان (٨/ ٤٥)، الكامل لابن عدي (١/ ١٩٤)، سؤالات السهمي للدارقطنِي (ص: ١٥٧)، سؤالات الحكم = ⦗١٢٥⦘ = للدارقطنِي (ص: ٨٦)، الإرشاد للخليلي (٢/ ٥٨٠)، تاريخ بغداد للخطيب (٤/ ٢٦٣) تهذيب الكمال للمزي (١/ ٣٨٠)، السير للذهبي (١٣/ ٥٧)، التقريب (٦٤). (٢) محمد بن فُضَيل بن غزوان الضبي الكوفي. (٣) أخرجه الإمام أحمد وغيره -كما تقدم في الذي قبله- من طريق الأعمش به.