للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٢٦ - حَدثَنا الربيع بن سليمان (١)، حدثنا عبد الله بن وهب، عن سليمان بن بلال، حَدثني شريك بن عبد الله بن أبي نَمِرٍ (٢) قال: سمِعْتُ أنس بن مالك يُحَدِّثنا عن ليلةِ أُسْرِيَ برسول الله قال: "فَوَجَدَ في السماءِ الدُّنيا آدم، فقال لَهُ جَبريل: هذا أَبوك فَسَلِّمْ عَلَيهِ (٣)، فردَّ عَلَيه (٤) قالَ: مرحبًا بِكَ وَأَهْلًا يا بُنَيَّ فَنِعْمَ الابنُ أنتَ.

فإذا هو في السماءِ الدُّنيا بِنَهرَينِ يَطَّرِدَانِ (٥) فَقال: مَا هذَان النَّهْرَانِ (٦) يا جبريل؟ قَال: هَذا النِّيْلُ والفُرَاتُ

⦗٨٤⦘ عُنْصُرُهُمَا (٧)، ثمَّ مَضَى به في السماء [الدنيا] (٨) فإذا بِنَهْرٍ آخر عَلَيْهِ قَصْرٌ مِن لؤلؤٍ وزَبَرْجَدٍ، فَذَهَبَ يَشَمُّ (٩) تُرَابَهُ فإذا هو مِسْكٌ، قال: يا جبريل ما هذا النَّهر؟ قال: هذا الكوثَرُ الذي خَبَأَ لك ربُّك، ثم عُرِجَ بي إلى السماءِ الثانيةِ، فقالَتْ له الملائكةُ مثلَ ما قالَتْ له في الأولى، وَذكَر قِصَّةَ السماواتِ.

قالَ: كلُّ سماءٍ فيها أنبياء قد سَمَّاهم أَنَسٌ فَوعَيْتُ منهُمْ إدريْسَ وهارونَ وإبراهيمَ في السادسة، وموسى في السابعة: بِفَضْلِ كَلامِ الله (١٠).

فقال موسى: لم أظن أن يُرْفَعَ عَليَّ أحدٌ (١١)، ثم عَلا به فِيما لا يَعلمُهُ إلا الله حتى جاء به سدرة المنتَهَى، وَدَنا الجَبَّارُ رَبُّ العِزَّةِ فَتَدَلَّى (١٢)، حتى كان منه قَابَ قوسينِ أو أَدنى، فأوْحَى إليه

⦗٨٥⦘ فيما أوحَى خمسين صلاةً على أُمَّتِهِ كلَّ يومٍ وليلةٍ.

ثم هَبَطَ حتى بلغ موسى صَلواتُ الله عَليهِم (١٣) فَاحْتَبَسَهُ فقال: يا محمدُ ما عهِدَ إليكَ ربُّك؟ قال عهِدَ إليَّ خمسين صلاةً على أُمَّتي كلَّ يومٍ وليلةٍ، قال: إنَّ أُمَّتَك لا تستطيعُ، فارجِع فَلْيُخَفِّفْ عنك وعنهم، فالتَفَتَ إلى جبريلَ كأنَّه يَسْتَشِيْرُهُ في ذلك، فأشار (١٤) إليه: أن نعم إن شئْتَ، فَعَلا به جبريل حتى أتى إلى الجبَّارِ (١٥) وهو في مكانِه، فَقَال: يا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا فإنَّ أُمَّتي لا تَستطيع هذا، فوضعَ عنه عشرَ صلواتٍ، ثمَّ رَجَعَ إلى موسى فَاحْتَبَسَهُ، فلم يَزَلْ يُرَدِّدُهُ موسى إلى ربِّه حتى صار إلى خمسِ صلواتٍ ثم احْتَبَسَهُ عندَ الخامسة فقال: يا محمد قد رَاودتُ بني إسرائيل على أدنى مِن هذه الخمسِ فَضَيَّعُوه وتركوه وأُمَّتُك أضعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وأبصارًا وأسماعًا فارجع فليُخَفّفْ عنك رَبُّك، كل ذلك يلتَفِتُ إلى جبريل ليُشِيرَ عَلَيهِ فَلا يكره ذلك جَبْريل فَيَرْفَعُهُ (١٦) فرفَعه عندَ الخامسةِ فقال: يا رَبِّ إنَّ أُمَّتي ضعافٌ أجسامُهُم وقلوبُهُم وأسْماعُهُم وأَبْصَارُهُم فَخَفِّفْ عنَّا، فقال: إنّي لا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، هي كما كتبتُ عليك في أمِّ الكِتابِ ولك

⦗٨٦⦘ بكلِّ حسنةٍ عَشْرُ أمثالِها، هي خمسون في أمِّ الكِتابِ وهي خمسٌ عليك، فَرجَعَ إلى موسى فقالَ: كيف فعلتَ؟ فقال: خُفِّفَ عنَّا أعطانا بكلِّ حسنةٍ عشرَ أمثالِها، قال: قد راودتُ بني إسرائيل عَلى أَدْنَى مِن هذا فتركوه فارجع فليُخَفِّفْ عنك أيضًا، قال: قد اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مما (١٧) أَخْتَلِفُ إِلَيهِ، قال: فَاهْبِطْ بِاسْمِ الله" (١٨).


(١) ابن عبد الجبار المرادي مولاهم المصري.
(٢) سبق هذا الحديث بإسناده وبعض متنه برقم (٤١٢)، وذكرت هناك كلام العلماء على رواية شريكٍ هذا وما فيها من مخالفات لرواية الثقات.
(٣) قوله: "عليه" سقط من (ط).
(٤) في (ط) و (ك): "فردَّ عليَّ".
(٥) أي: يجريان. فتح الباري لابن حجر (١٣/ ٤٩٠).
(٦) كلمة "النهران" ليست في (ط) و (ك)، ووقع في (م): "أخبرنا جبريل" بدل: "يا =
⦗٨٤⦘ = جبريل" ولعله سبق قلم.
(٧) بضم العين والصاد المهملتين، بينهما نون ساكنة، وهو: الأصل. فتح الباري (١٣/ ٤٩٠).
(٨) ما بين المعقوفتين من (ط) و (ك).
(٩) شمَّ يشَمُّ -من باب تَعِب-، ويَشُمُّ -من باب قَتَل- فيه لغتان.
انظر: القاموس المحيط للفيروزآبادي (ص: ١٤٥٥)، المصباح المنير للفيومي (٣٢٣).
(١٠) في (ط) و (ك): "كلامه الله".
(١١) سبب قول موسى لهذا هو الجملة الحالية بعدها مباشرة.
(١٢) وهذا اللفظ من الألفاظ التي أنكرت على شريك بن أبي نَمر في روايته لحديث الإسراء، انظر ما سبق في: ح (٤١٢)، وستأتي بقية بحثٍ فيه في ح (٤٧٨).
(١٣) قوله: "صلوات الله عليهم" ليست في (ط) و (ك).
(١٤) في (ط) و (ك): "وأشار".
(١٥) عبارة الثناء على الله ﷿ ليست في (ط) و (ك).
(١٦) كلمة "فيرفعه" سقطت من (م).
(١٧) قوله: "مما" سقط من (م).
(١٨) سبق تخريجه وذكر كلام العلماء عليه في ح (٤١٢).