للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِقَوْلِهِ «إحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا» (وَلَوْ سَدَلَتْ شَيْئًا عَلَى وَجْهِهَا وَجَافَتْهُ عَنْهُ جَازَ) هَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ، وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِظْلَالِ بِالْمُحْمَلِ (وَلَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالتَّلْبِيَةِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْفِتْنَةِ (وَلَا تَرْمُلُ وَلَا تَسْعَى بَيْنَ الْمِيلَيْنِ) لِأَنَّهُ مُخِلٌّ بِسِتْرِ الْعَوْرَةِ (وَلَا تَحْلِقُ وَلَكِنْ تُقَصِّرُ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى النِّسَاءَ عَنْ الْحَلْقِ وَأَمَرَهُنَّ بِالتَّقْصِيرِ» وَلِأَنَّ حَلْقَ الشَّعْرِ فِي حَقِّهَا مُثْلَةٌ كَحَلْقِ اللِّحْيَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ (وَتَلْبَسُ مِنْ الْمَخِيطِ مَا بَدَا لَهَا) لِأَنَّ فِي لُبْسِ غَيْرِ الْمَخِيطِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ. قَالُوا: وَلَا تَسْتَلِمُ الْحَجَرَ إذَا كَانَ هُنَاكَ جَمْعٌ، لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَنْ مُمَاسَّةِ الرِّجَالِ إلَّا أَنْ تَجِدَ الْمَوْضِعَ خَالِيًا.

قَالَ (وَمَنْ قُلِّدَ بَدَنَةً تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ أَوْ شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاءِ وَتَوَجَّهَ مَعَهَا يُرِيدُ الْحَجَّ فَقَدْ أَحْرَمَ) لِقَوْلِهِ «مَنْ قَلَّدَ بَدَنَةً فَقَدْ أَحْرَمَ» وَلِأَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ فِي مَعْنَى التَّلْبِيَةِ فِي إظْهَارِ الْإِجَابَةِ لِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ إلَّا مَنْ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ، وَإِظْهَارُ الْإِجَابَةِ قَدْ

يُجْزِيهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مُفِيقَةً وَنَوَتْ الطَّوَافَ

(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ «إحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا») تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ وَلَا شَكَّ فِي ثُبُوتِهِ مَوْقُوفًا، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ قَالَتْ: «كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْنَا سَدَلَتْ إحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ».

قَالُوا: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ تَسْدِلَ عَلَى وَجْهِهَا شَيْئًا وَتُجَافِيَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِذَلِكَ أَعْوَادًا كَالْقُبَّةِ تُوضَعُ عَلَى الْوَجْهِ وَيُسْدَلُ فَوْقَهَا الثَّوْبُ، وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ مَنْهِيَّةٌ عَنْ إبْدَاءِ وَجْهِهَا لِلْأَجَانِبِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَكَذَا دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَتَلْبَسُ مِنْ الْمَخِيطِ مَا بَدَا لَهَا) كَالدِّرْعِ وَالْقَمِيصِ وَالْخُفَّيْنِ وَالْقُفَّازَيْنِ، لَكِنْ لَا تَلْبَسُ الْمُوَرَّسَ وَالْمُزَعْفَرَ وَالْمُعَصْفَرَ

(قَوْلُهُ أَوْ جَزَاءُ صَيْدٍ) إمَّا بِأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ جَزَاءُ صَيْدٍ فِي حَجَّةٍ سَابِقَةٍ فَقَلَّدَهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ جَزَاءُ صَيْدِ الْحَرَمِ اشْتَرَى بِقِيمَتِهِ هَدْيًا (قَوْلُهُ وَتَوَجَّهَ مَعَهَا يُرِيدُ الْحَجَّ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ: التَّقْلِيدُ وَالتَّوَجُّهُ مَعَهَا وَنِيَّةُ النُّسُكِ. وَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: لَوْ قَلَّدَ بَدَنَةً بِغَيْرِ نِيَّةِ الْإِحْرَامِ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا، وَلَوْ سَاقَهَا هَدْيًا قَاصِدًا إلَى مَكَّةَ صَارَ مُحْرِمًا بِالسَّوْقِ نَوَى الْإِحْرَامَ أَوْ لَمْ يَنْوِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

وَمَا فِي الْإِيضَاحِ مِنْ قَوْلِهِ السُّنَّةُ أَنْ يُقَدِّمَ التَّلْبِيَةَ عَلَى التَّقْلِيدِ لِأَنَّهُ إذَا قَلَّدَهَا فَرُبَّمَا تَسِيرُ فَيَصِيرُ شَارِعًا فِي الْإِحْرَامِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ الشُّرُوعُ بِالتَّلْبِيَةِ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُقَلِّدُ نَاوِيًا (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ «مَنْ قَلَّدَ بَدَنَةً» إلَخْ) غَرِيبٌ مَرْفُوعًا، وَوَقَفَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنْ قَلَّدَ فَقَدْ أَحْرَمَ.

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>