للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ بِالْفِعْلِ كَمَا يَكُونُ بِالْقَوْلِ فَيَصِيرُ بِهِ مُحْرِمًا لِاتِّصَالِ النِّيَّةِ بِفِعْلٍ وَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْإِحْرَامِ. وَصِفَةُ التَّقْلِيدِ أَنْ يَرْبِطَ عَلَى عُنُقِ بَدَنَتِهِ قِطْعَةَ نَعْلٍ أَوْ عُرْوَةَ مُزَادَةٍ أَوْ لِحَاءَ شَجَرَةٍ (فَإِنْ قَلَّدَهَا وَبَعَثَ بِهَا وَلَمْ يَسْقِهَا لَمْ يَصِرْ مُحْرِمًا) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ فَبَعَثَ بِهَا وَأَقَامَ فِي أَهْلِهِ حَلَالًا» (فَإِنْ تَوَجَّهَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَصِرْ مُحْرِمًا حَتَّى يُلْحِقَهَا) لِأَنَّ عِنْدَ التَّوَجُّهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ هَدْيٌ يَسُوقُهُ لَمْ يُوجَدْ

عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ قَلَّدَ أَوْ جَلَّلَ أَوْ أَشْعَرَ فَقَدْ أَحْرَمَ. ثُمَّ أَخْرَجَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا قَلَّدَ فَقَالَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ أَحْرَمَ. وَوَرَدَ مَعْنَاهُ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمِنْ طَرِيقِهِ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ أَنَّهُ سَمِعَ بَنِي جَابِرٍ يُحَدِّثَانِ عَنْ أَبِيهِمَا جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «بَيْنَمَا النَّبِيُّ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ إذْ شَقَّ قَمِيصَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ فَسُئِلَ فَقَالَ: وَاعَدَتْهُمْ يُقَلِّدُونَ هَدْيِي الْيَوْمَ فَنَسِيتُ» وَذَكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ مِنْ جِهَةِ الْبَزَّارِ قَالَ: وَلِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدٌ وَعَقِيلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ هُمَا مِنْ الثَّلَاثَةِ.

وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ، وَضَعَّفَ ابْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَطَاءٍ وَوَافَقَهُمَا ابْنُ الْقَطَّانِ.

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّائِغُ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيّ: أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ رَسُولِ اللَّهِ أَرَادَ الْحَجَّ فَرَجَّلَ أَحَدَ شِقَّيْ رَأْسِهِ، فَقَامَ غُلَامُهُ فَقَلَّدَ هَدْيَهُ، فَنَظَرَ إلَيْهِ قَيْسٌ فَأَهَلَّ وَحَلَّ شِقَّ رَأْسِهِ الَّذِي رَجَّلَهُ وَلَمْ يُرَجِّلْ الشِّقَّ الْآخَرَ.

وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مُخْتَصَرًا عَنْ ابْنِ شِهَابٍ بِأَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيَّ وَكَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ رَسُولِ اللَّهِ أَرَادَ الْحَجَّ فَرَجَّلَ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ لِحَاءَ شَجَرَةٍ) هُوَ بِالْمَدِّ قِشْرُهَا، وَالْمَعْنِيُّ بِالتَّقْلِيدِ إفَادَةُ أَنَّهُ عَنْ قَرِيبٍ يَصِيرُ جِلْدًا كَهَذَا اللِّحَاءِ وَالنَّعْلِ فِي الْيُبُوسَةِ لِإِرَاقَةِ دَمِهِ، وَكَانَ فِي الْأَصْلِ يُفْعَلُ ذَلِكَ كَيْ لَا تُهَاجَ عَنْ الْوُرُودِ وَالْكَلَإِ وَلِتَرِدَ إذَا ضَلَّتْ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهَا هَدْيٌ (قَوْلُهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ) أَخْرَجَ السِّتَّةُ عَنْهَا «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ بِالْهَدْيِ فَأَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَهَا بِيَدَيَّ مِنْ عِهْنٍ كَانَ عِنْدَنَا ثُمَّ أَصْبَحَ فِينَا حَلَالًا يَأْتِي مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ» وَفِي لَفْظٍ «لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَفْتِلُ الْقَلَائِدَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَيَبْعَثُ بِهِ ثُمَّ يُقِيمُ فِينَا حَلَالًا» وَأَخْرَجَا وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ «أَنَّهُ أَتَى عَائِشَةَ فَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ رَجُلًا يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ إلَى الْكَعْبَةِ وَيَجْلِسُ فِي الْمِصْرِ فَيُوصِي أَنْ تُقَلَّدَ بَدَنَتُهُ فَلَا يَزَالُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ مُحْرِمًا حَتَّى يَحِلَّ النَّاسُ، قَالَ: فَسَمِعْتُ تَصْفِيقَهَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ فَقَالَتْ: لَقَدْ كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>