وَلَنَا قَوْلُهُ ﵊ «يَا آلَ مُحَمَّدٍ أَهِلُّوا بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا»
قَالَ: «أَهْلَلْتُ بِهِمَا مَعًا، فَقَالَ عُمَرُ: هُدِيتَ لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ ﷺ». وَرُوِيَ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى وَصَحَّحَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ: وَأَصَحُّهُ إسْنَادُ حَدِيثِ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ الصُّبَيّ عَنْ عُمَرَ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا، قَالَ بَكْرٌ فَحَدَّثْتُ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ لَبَّى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ، فَلَقِيتُ أَنَسًا فَحَدَّثْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ أَنَسٌ ﵁: مَا تَعُدُّونَا إلَّا صِبْيَانًا، سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: لَبَّيْكَ حَجًّا وَعُمْرَةً» وَقَوْلُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ إنَّ أَنَسًا كَانَ إذْ ذَاكَ صَبِيًّا لِقَصْدِ تَقْدِيمِ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ عَلَيْهِ غَلَطٌ، بَلْ كَانَ سَنُّ أَنَسٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ إحْدَى وَعِشْرِينَ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَذَلِكَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ أَوْ إحْدَى وَتِسْعِينَ أَوْ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ أَوْ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ، ذَكَرَ ذَلِكَ الذَّهَبِيُّ فِي كِتَابِ الْعِبَرِ، وَقَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ وَسِنُّهُ عَشْرَ سِنِينَ فَكَيْفَ يَسُوغُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِسِنِّ الصِّبَا إذْ ذَاكَ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا بَيْنَ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ فِي السِّنِّ سَنَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ سَنَةٌ وَبَعْضُ سَنَةٍ.
ثُمَّ إنَّ رِوَايَةَ ابْنِ عُمَرَ عَنْهُ ﵊ الْإِفْرَادَ مُعَارَضَةٌ بِرِوَايَتِهِ عَنْهُ التَّمَتُّعَ كَمَا أَسْمَعْنَاك وَعَلِمْت أَنَّ مُرَادَهُ بِالتَّمَتُّعِ الْقِرَانُ كَمَا حَقَّقْته، وَثَبَتَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِعْلُهُ وَنِسْبَتُهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى أَنَسٍ أَحَدٌ مِنْ الرُّوَاةِ فِي أَنَّهُ ﵊ كَانَ قَارِنًا، قَالُوا: اتَّفَقَ عَنْ أَنَسٍ سِتَّةَ عَشَرَ رَاوِيًا أَنَّهُ ﵊ قَرَنَ مَعَ زِيَادَةِ مُلَازَمَتِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ لِأَنَّهُ كَانَ خَادِمَهُ لَا يُفَارِقُهُ، حَتَّى إنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ «كُنْتُ آخُذُ بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهِيَ تَقْصَعُ بِجَرَّتِهَا وَلُعَابُهَا يَسِيلُ عَلَى يَدِي وَهُوَ يَقُولُ: لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا» وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَحُمَيْدٍ وَيَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَسًا يَقُولُ «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَهَلَّ بِهِمَا لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا» وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ مَعًا».
وَرَوَى النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ» وَرَوَى الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ.
وَذَكَرَ وَكِيعٌ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: سَمِعْت أَنَسًا مِثْلَهُ قَالَ: وَحَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ «اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَرْبَعَ عُمَرَ» فَذَكَرَهَا وَقَالَ «عُمْرَةً مَعَ حَجَّةٍ» وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَحُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَهُ، فَهَؤُلَاءِ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ ذَكَرْنَا فَلَمْ تَبْقَ شُبْهَةٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ فِي تَقْدِيمِ الْقِرَانِ.
وَفِي أَبِي دَاوُد عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ «كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ ﵁ حِينَ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْيَمِينِ» الْحَدِيثَ، إلَى أَنْ قَالَ فِيهِ: «قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، يَعْنِي عَلِيًّا فَقَالَ لِي: كَيْفَ صَنَعْتُ؟ قُلْتُ: أَهْلَلْتُ بِإِهْلَالِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: فَإِنِّي سُقْتُ الْهَدْيَ وَقَرَنْتُ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ سُرَاقَةَ بِإِسْنَادٍ كُلُّهُ ثِقَاتٌ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ: وَقَرَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ».
وَرَوَى النَّسَائِيّ عَنْ «مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ: كُنْت جَالِسًا عِنْدَ عُثْمَانَ فَسَمِعَ عَلِيًّا يُلَبِّي بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَقَالَ: أَلَمْ تَكُنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute