للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْله تَعَالَى ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ شَهْرَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ لَا كُلُّهُ.

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ، وَفِي عُرْفِ غَيْرِهِمْ أَرْبَعَةٌ أَخْرَجُوا ابْنَ مَسْعُودٍ وَأَدْخَلُوا ابْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَابْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ. وَغَلَّطُوا صَاحِبَ الصِّحَاحِ إذْ أَدْخَلَ ابْنَ مَسْعُودِ وَأَخْرَجَ ابْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قِيلَ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ تَقَدَّمَتْ وَفَاتُهُ وَهَؤُلَاءِ عَاشُوا حَتَّى اُحْتِيجَ إلَى عِلْمِهِمْ. وَلَا يُخْفَى أَنَّ سَبَبَ غَلَبَةِ لَفْظِ الْعَبَادِلَةِ فِي بَعْضِ مِنْ سُمِّيَ بِعَبْدِ اللَّهِ مِنْ الصَّحَابَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ نَحْوُ مِائَتَيْ رَجُلٍ لَيْسَ إلَّا لِمَا يُؤْثَرُ عَنْهُمْ مِنْ الْعِلْمِ وَابْنُ مَسْعُودٍ أَعْلَمَهُمْ، وَلَفْظُ عَبْدِ اللَّهِ إذَا أُطْلِقَ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ انْصَرَفَ إلَيْهِ فَكَانَ اعْتِبَارُهُ مِنْ مُسَمَّى لَفْظِ الْعَبَادِلَةِ أَوْلَى مِنْ الْبَاقِينَ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَا غَلَبَةَ فِي اعْتِبَارِهِ جُزْءِ الْمُسَمَّى فَلَا مُشَاحَّةَ فِي وَضْعِ الْأَلْفَاظِ. ثُمَّ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا.

وَحَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْهُ قَالَ: أَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ، إنَّ هَذِهِ الْأَشْهُرَ لَيْسَتْ أَشْهُرُ الْعُمْرَةِ إنَّمَا هِيَ لِلْحَجِّ وَإِنْ كَانَ عَمَلُ الْحَجِّ قَدْ انْقَضَى بِانْقِضَاءِ أَيَّامِ مِنًى. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَخْرَجَ يَوْمَ النَّحْرِ عَنْهَا فَهِيَ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَاسْتَبْعَدَ بِاسْتِبْعَادٍ أَنْ يُوضَعَ لِأَدَاءِ رُكْنِ عِبَادَةٍ وَقْتٌ لَيْسَ وَقْتَهَا وَلَا هُوَ مِنْهُ.

وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ قَدِمَ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ يَوْمَ النَّحْرِ فَطَافَ لِلْقُدُومِ وَسَعَى وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ إلَى قَابِلٍ فَإِنَّهُ لَا سَعْيَ عَلَيْهِ عَقِيبَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ؛ لِوُقُوعِ ذَلِكَ السَّعْيِ مُعْتَدًّا بِهِ، وَأَيْضًا لَا يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ؛ وَأَيْضًا لَوْ أَحْرَمَ بِعَمْرَةٍ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَتَى بِأَفْعَالِهَا ثُمَّ أَحْرَمَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ بِالْحَجِّ وَبَقِيَ

<<  <  ج: ص:  >  >>