وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْحَدَثِ اسْتِحْبَابًا وَفِي الْجَنَابَةِ إيجَابًا لِفُحْشِ النُّقْصَانِ بِسَبَبِ الْجَنَابَةِ وَقُصُورِهِ بِسَبَبِ الْحَدَثِ. ثُمَّ إذَا أَعَادَهُ وَقَدْ طَافَهُ مُحْدِثًا لَا ذَبْحَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَعَادَهُ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْإِعَادَةِ لَا يَبْقَى إلَّا شُبْهَةُ النُّقْصَانِ، وَإِنْ أَعَادَهُ وَقَدْ طَافَهُ جُنُبًا فِي أَيَّامِ النَّحْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَعَادَهُ فِي وَقْتِهِ، وَإِنْ أَعَادَهُ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ لَزِمَهُ الدَّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ بِالتَّأْخِيرِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِهِ. وَلَوْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَقَدْ طَافَهُ جُنُبًا عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ كَثِيرٌ فَيُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ اسْتِدْرَاكًا لَهُ
سَهْوًا إلَّا السُّجُودُ (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْحَدَثِ اسْتِحْبَابًا) وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْمَرْ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ تِلْكَ الرِّوَايَةُ مَعَ أَنَّ الطَّهَارَةَ فِي الطَّوَافِ مُطْلَقًا وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ الطَّوَافُ جَابِرًا، فَإِنَّ الدَّمَ وَالصَّدَقَةَ مِمَّا يُجْبَرُ بِهِمَا فَالْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا غَيْرُ عَيْنٍ وَاسْتِحْبَابُ الْمُعَيَّنِ: أَعْنِي الطَّوَافَ لِيَكُونَ الْجَابِرُ مِنْ جِنْسِ الْمَجْبُورِ. بِخِلَافِ مَا إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَلَمْ يَطُفْ فَإِنَّ الْبَعْثَ بِالشَّاةِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ كَانَ يَسِيرًا وَفِي الشَّاةِ تَقَعُ لِلْفُقَرَاءِ.
(قَوْلُهُ لَا ذَبْحَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَعَادَهُ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ) إنْ هَذِهِ وَصْلِيَّةٌ، وَعَدَمُ وُجُوبِ الشَّيْءِ إذَا أَعَادَهُ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْرِ دَلِيلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْأَوَّلِ فِي الْحَدَثِ وَإِلَّا لَوَجَبَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ دَمٌ لِلتَّأْخِيرِ عَنْ أَيَّامِ النَّحْرِ. وَقَوْلُهُ فِي فَصْلِ الْجَنَابَةِ وَإِنْ أَعَادَهُ بَعْدَ أَيَّامِ النَّحْر لَزِمَهُ الدَّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِالتَّأْخِيرِ أَخَذَ مِنْهُ الرَّازِيّ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي فَصْلِ الْجَنَابَةِ لِلطَّوَافِ الثَّانِي وَيَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ بِهِ وَذَهَبَ الْكَرْخِيُّ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْأَوَّلُ فِي الْفَصْلَيْنِ جَمِيعًا، وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ إذْ لَا شَكَّ فِي وُقُوعِ الْأَوَّلِ مُعْتَدًّا بِهِ حَتَّى حَلَّ بِهِ النَّسَاءُ، وَتَقْرِيرُ مَا عُلِمَ شَرْعًا بِاعْتِدَادِهِ حَالَ وُجُودِهِ أَوْلَى. وَاسْتَدَلَّ الْكَرْخِيُّ بِمَا فِي الْأَصْلِ: لَوْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا فِي رَمَضَانَ وَحَجَّ مِنْ عَامِهِ لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا إنْ أَعَادَهُ فِي شَوَّالٍ أَوْ لَمْ يُعِدْهُ، وَاعْتَذَرَ عَنْهُ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَتِّعًا لِوُقُوعِ الْأَمْنِ لَهُ عَنْ فَسَادِ الْعُمْرَةِ، فَإِذَا أَمِنَ فَسَادَهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْحَجِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute