وَيَعُودُ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ. وَإِنْ لَمْ يَعُدْ وَبَعَثَ بَدَنَةً أَجْزَأَهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ جَابِرٌ لَهُ، إلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ هُوَ الْعَوْدُ.
وَلَوْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَقَدْ طَافَهُ مُحْدِثًا إنْ عَادَ وَطَافَ جَازَ، وَإِنْ بَعَثَ بِالشَّاةِ فَهُوَ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ خَفَّ مَعْنَى النُّقْصَانِ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْفُقَرَاءِ، وَلَوْ لَمْ يَطُفْ طَوَافَ الزِّيَارَةِ أَصْلًا حَتَّى رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ بِذَلِكَ الْإِحْرَامِ لِانْعِدَامِ التَّحَلُّلِ مِنْهُ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَنْ النِّسَاءِ أَبَدًا حَتَّى يَطُوفَ.
(وَمَنْ طَافَ طَوَافَ الصَّدْرِ مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ) لِأَنَّهُ دُونَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ إظْهَارِ التَّفَاوُتِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ تَجِبُ شَاةٌ، إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ (وَلَوْ طَافَ جُنُبًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ) لِأَنَّهُ نَقْصٌ كَثِيرٌ، ثُمَّ هُوَ دُونَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ فَيُكْتَفَى بِالشَّاةِ.
(وَمَنْ تَرَكَ مِنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ فَمَا دُونَهَا فَعَلَيْهِ شَاةٌ)
لَا يَكُونُ بِهَا مُتَمَتِّعًا.
قَالَ: وَالطَّوَافُ الْأَوَّلُ كَانَ حُكْمُهُ مُرَاعًى لِتَفَاحُشِ النُّقْصَانِ؛ فَإِنْ أَعَادَهُ انْفَسَخَ وَصَارَ الْمُعْتَدُّ بِهِ الثَّانِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ كَانَ مُعْتَدًّا بِهِ فِي التَّحَلُّلِ، كَمَنْ قَامَ فِي صَلَاتِهِ، وَلَمْ يَقْرَأْ حَتَّى رَكَعَ كَانَ قِيَامُهُ وَرُكُوعُهُ مُرَاعًى عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ، فَإِنْ عَادَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ انْفَسَخَ الْأَوَّلُ، حَتَّى إنَّ مَنْ أَدْرَكَ مَعَهُ الرُّكُوعَ الثَّانِيَ مُدْرِكٌ لِلرَّكْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْتَدًّا بِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ يَسِيرٌ فَلَا يَتَوَقَّفُ بِهِ حُكْمُ الطَّوَافِ بَلْ بَقِيَ مُعْتَدًّا بِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَالثَّانِي جَابِرٌ لِلتَّمَكُّنِ فِيهِ مِنْ النُّقْصَانِ، وَلَوْ طَافَتْ الْمَرْأَةُ لِلزِّيَارَةِ حَائِضًا فَهُوَ كَطَوَافِ الْجُنُبِ سَوَاءٌ. اهـ. وَقَوْلُ الْكَرْخِيِّ أَوْلَى، وَجَعْلُ عَدَمِ التَّمَتُّعِ فِي شَاهِدِهِ لِلْأَمْنِ عَنْ فَسَادِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ جَعْلِ الدَّمِ لِتَأْخِيرِ الْجَابِرِ لِجَعْلِهِ كَنَفْسِ الطَّوَافِ بِسَبَبِ أَنَّ النُّقْصَانَ لَمَّا كَانَ مُتَفَاحِشًا كَانَ كَتَرْكِهِ مِنْ وَجْهٍ فَيَكُونُ وُجُودُ جَابِرِهِ كَوُجُودِهِ.
أَوْ نَقُولُ: الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ الطَّوَافِ فِي أَيَّامِهِ خَالِيًا عَنْ النَّقْصِ الْفَاحِشِ الَّذِي يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ التَّرْكِ لِبَعْضِهِ، فَبِإِدْخَالِهِ يَكُونُ مُوجِدًا لِبَعْضِهِ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْبَعْضُ الْآخَرُ أَعْنِي صِفَةَ الْكَمَالِ، وَهُوَ تَكَامُلُ الصِّفَةِ وَهُوَ الطَّوَافُ الْجَابِرُ فَوَجَبَ فِي أَيَّامِ الطَّوَافِ، فَإِذَا أَخَّرَهُ وَجَبَ دَمٌ كَمَا إذَا أَخَّرَ أَصْلَ الطَّوَافِ. (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ حَلَّ فِي حَقِّ النِّسَاءِ بِطَوَافِ الزِّيَارَةِ جُنُبًا وَهُوَ آفَاقِيٌّ يُرِيدُ مَكَّةَ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إحْرَامٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، وَقِيلَ: يَعُودُ بِذَلِكَ الْإِحْرَامِ، حَكَاهُ الْفَارِسِيُّ، ثُمَّ إذَا عَادَ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ يَبْدَأُ بِهَا، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا يَطُوفُ لِلزِّيَارَةِ وَيَلْزَمُهُ دَمٌ لِتَأْخِيرِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ عَنْ وَقْتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَلَوْ طَافَ الْقَارِنُ طَوَافَيْنِ وَسَعَى سَعْيَيْنِ مُحْدِثًا أَعَادَ طَوَافَ الْعُمْرَةِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْجَبْرِ بِجِنْسِهِ فِي وَقْتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ حَتَّى طَلَعَ فَجْرُ يَوْمِ النَّحْرِ لَزِمَهُ دَمٌ لِطَوَافِ الْعُمْرَةِ مُحْدِثًا وَقَدْ فَاتَ وَقْتُ الْقَضَاءِ، وَيَرْمُلُ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَسْعَى بَعْدَهُ اسْتِحْبَابًا؛ لِيَحْصُلَ الرَّمَلُ وَالسَّعْيُ عَقِيبَ طَوَافٍ كَامِلٍ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَعْيٌ عَقِيبَ طَوَافٍ مُعْتَدٍّ بِهِ، إذْ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ لَا يَمْنَعُ الِاعْتِدَادَ، وَفِي الْجَنَابَةِ إنْ لَمْ يُعِدْ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِلسَّعْيِ وَكَذَا الْحَائِضُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَطُفْ طَوَافَ الزِّيَارَةِ أَصْلًا إلَخْ) وَكَذَا إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَقَدْ تَرَكَ مِنْهُ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ يَعُودُ بِذَلِكَ الْإِحْرَامِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ أَبَدًا فِي حَقِّ النِّسَاءِ؛ وَكُلَّمَا جَامَعَ لَزِمَهُ دَمٌ إذَا تَعَدَّدَتْ الْمَجَالِسُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ رَفْضَ الْإِحْرَامِ بِالْجِمَاعِ الثَّانِي وَتَقَدَّمَ أَوَائِلَ الْفَصْلِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ وَمَنْ طَافَ طَوَافَ الصَّدْرِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي حُكْمِهِ رِوَايَتَيْنِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute