للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الْحَلَالِ لِأَنَّهُ لَا الْتِزَامَ مِنْ جِهَتِهِ، عَلَى أَنَّ فِيهِ الْجَزَاءَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ، وَالدَّلَالَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْجَزَاءِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَدْلُولُ عَالِمًا بِمَكَانِ الصَّيْدِ وَأَنْ يُصَدِّقَهُ فِي الدَّلَالَةِ، حَتَّى لَوْ كَذَّبَهُ وَصَدَّقَ غَيْرَهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكَذِّبِ (وَلَوْ كَانَ الدَّالُّ حَلَالًا فِي الْحَرَمِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ) لِمَا قُلْنَا (وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَامِدُ وَالنَّاسِي) لِأَنَّهُ ضَمَانٌ يَعْتَمِدُ وُجُوبَهُ الْإِتْلَافُ

يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ عَذَابِ الْآخِرَةِ، فَلِهَذَا لَوْ دَلَّ سَارِقًا عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ تَأَخَّرَ جَزَاؤُهُ الْأَعْظَمُ إلَى الْآخِرَةِ، وَيُعَزَّرُ فِي الدُّنْيَا مِنْ غَيْرِ تَضْمِينٍ وَإِنْ كَانَتْ جِنَايَتُهُ أَعْظَمَ مِنْ دَلَالَةِ الْمُحْرِمِ عَلَى الصَّيْدِ. (قَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُكَذِّبِ) يُفِيدُ لُزُومَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُصَدِّقِ. وَفِي الْكَافِي: لَوْ أَخْبَرَ مُحْرِمًا بِصَيْدٍ فَلَمْ يَرَهُ حَتَّى أَبْصَرَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ فَلَمْ يُصَدِّقْ الْأَوَّلَ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ ثُمَّ طَلَبَ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْجَزَاءُ، وَلَوْ كَذَّبَ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَزَاءٌ. وَمِنْ شَرَائِطِهَا أَيْضًا أَنْ يَتَّصِلَ بِهَا الْقَتْلُ، وَأَنْ يَبْقَى الدَّالُّ مُحْرِمًا إلَى أَنْ يَقْتُلَهُ الْآخِذُ، وَأَنْ لَا يَنْفَلِتَ، فَلَوْ انْفَلَتَ ثُمَّ أَخَذَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّالِّ لِانْتِهَاءِ دَلَالَتِهِ بِالِانْفِلَاتِ وَالْأَخْذُ ثَانِيًا إنْشَاءٌ لَمْ يَكُنْ عَنْ عَيْنِ تِلْكَ الدَّلَالَةِ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِقَتْلِهِ بَعْدَمَا أَخَذَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ.

وَعَلَى هَذَا إذَا أَعَارَهُ سِكِّينًا؛ لِيَقْتُلَهُ بِهَا وَلَيْسَ مَعَ الْآخِذِ مَا يَقْتُلُهُ بِهِ أَوْ قَوْسًا أَوْ نُشَّابًا يَرْمِيهِ بِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ عِنْدَ مُسْلِمٍ هَلْ أَعَنْتُمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ إعَارَةَ السِّكِّينِ إعَانَةٌ عَلَيْهِ. وَمَا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَى صَاحِبِ السِّكِّينِ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَعِيرُ يَقْدِرُ عَلَى ذَبْحِهِ بِغَيْرِهَا، وَصَرَّحَ فِي السِّيَرِ بِأَنَّ عَلَى صَاحِبِ السِّكِّينِ الْجَزَاءَ، وَكَذَا لَوْ دَلَّ عَلَى قَوْسِ وَنُشَّابِ مَنْ رَآهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ؛ لِبُعْدِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ صَرِيحَ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فِي الْإِعَارَةِ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ عَلَى صَاحِبِ السِّكِّينِ وَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي الْمَبْسُوطِ: أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَ الْمُحْرِمِ الْقَاتِلِ سِلَاحٌ يَقْتُلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَتْلِهِ، فَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>