للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّيْدِ، وَلَهُ عَرَضِيَّةُ أَنْ يَصِيرَ صَيْدًا فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الصَّيْدِ احْتِيَاطًا مَا لَمْ يَفْسُدْ (فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْبَيْضِ فَرْخٌ مَيِّتٌ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ حَيًّا) وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَغْرَمَ سِوَى الْبَيْضَةِ؛ لِأَنَّ حَيَاةَ الْفَرْخِ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْبَيْضَ مُعَدٌّ؛ لِيَخْرُجَ مِنْهُ الْفَرْخُ الْحَيُّ، وَالْكَسْرُ قَبْلَ أَوَانِهِ سَبَبٌ لِمَوْتِهِ فَيُحَالُ بِهِ عَلَيْهِ احْتِيَاطًا، وَعَلَى هَذَا إذَا ضَرَبَ بَطْنَ ظَبْيَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَمَاتَتْ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا.

مَرْفُوعٌ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالدَّارَقُطْنِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَفْسُدْ) الْأَوْجَهُ وَصْلُهُ بِكَسْرِ بَيْضِ نَعَامَةٍ: أَيْ وَمَنْ كَسَرَ بَيْضَ نَعَامَةٍ مَا لَمْ يَفْسُدْ: أَيْ فِي زَمَنِ عَدَمِ فَسَادِهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ نَائِبَةٌ عَنْ ظَرْفِ الزَّمَانِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ فِي الْبَيْضَةِ الْمَذِرَةِ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْبَيْضَةِ لَيْسَ لِذَاتِهَا بَلْ لِعَرَضِيَّةِ الصَّيْدِ وَلَيْسَتْ الْمَذِرَةُ بِعَرَضِيَّةِ أَنْ تَصِيرَ صَيْدًا، فَانْتَفَى بِهَذَا مَا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ: إذَا كَسَرَ بَيْضَ نَعَامَةٍ مَذِرَةٍ وَجَبَ الْجَزَاءُ؛ لِأَنَّ لِقِشْرَتِهَا قِيمَةً، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ نَعَامَةٍ لَا يَجِبُ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ بِالْإِحْرَامِ لَيْسَ التَّعَرُّضُ لِلْقِشْرِ بَلْ لِلصَّيْدِ فَقَطْ وَلَيْسَ لِلْمَذِرَةِ عَرَضِيَّةُ الصَّيْدِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَالْكَسْرُ قَبْلَ أَوَانِهِ سَبَبٌ لِمَوْتِهِ فَيُحَالُ بِهِ عَلَيْهِ) يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِيمَا إذَا جُهِلَ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ الْكَسْرِ أَوْ لَا، فَأَمَّا إذَا عُلِمَ أَنَّ مَوْتَهُ قَبْلَ الْكَسْرِ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ لِانْعِدَامِ الْإِمَاتَةِ وَلَا فِي الْبَيْضِ؛ لِعَدَمِ الْعَرَضِيَّةِ، وَإِذَا ضَمِنَ الْفَرْخَ لَا يَجِبُ فِي الْبَيْضِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ مَا ضَمَانُهُ لِأَجْلِهِ قَدْ ضَمِنَهُ، وَلَوْ أَخَذَ الْبَيْضَةَ فَحَضَنَهَا تَحْتَ دَجَاجَةٍ فَفَسَدَتْ لَا يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ، وَلَوْ لَمْ تَفْسُدْ وَخَرَجَ مِنْهَا فَرْخٌ وَطَارَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ نَفَّرَ صَيْدًا عَنْ بَيْضِهِ فَفَسَدَ ضَمِنَهُ إحَالَةً لِلْفَسَادِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ الظَّاهِرُ. وَلَا يَخْفَى عَلَيْك إذَا تَذَكَّرْت أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ كَالتَّعْلِيلِ فِي مَسْأَلَةِ الْفَأْرَةِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْبِئْرِ مَيْتَةً لَا يُدْرَى مَتَى وَقَعَتْ حَيْثُ حَكَمَ أَبُو حَنِيفَةَ بِإِضَافَةِ مَوْتِهَا إلَى وُقُوعِهَا فِي الْبِئْرِ وَرَتَّبَ عَلَيْهَا حُكْمَ الْبِئْرِ الَّتِي مَاتَتْ فِيهَا فَأْرَةٌ إحَالَةً عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ، وَهُمَا قَدْ خَالَفَاهُ هُنَاكَ وَوَافَقَاهُ هُنَا فَيُطَالَبَانِ بِالْفَرْقِ الْمُؤَثِّرِ لَا كُلِّ فَرْقٍ.

وَعَلَى هَذَا لَوْ جَرَحَ صَيْدًا فَغَابَ فَوَجَدَهُ مَيِّتًا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ الْجُرْحِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يَجِبُ الضَّمَانُ احْتِيَاطًا لِلسَّبَبِيَّةِ الظَّاهِرَةِ، كَمَنْ أَخْرَجَ صَيْدًا مِنْ الْحَرَمِ وَأَرْسَلَهُ وَلَا يَعْلَمُ أَدَخَلَ الْحَرَمَ أَمْ لَا تَجِبُ قِيمَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ هَذَا الْأَصْلِ وَهُوَ النِّسْبَةُ إلَى مَا هُوَ سَبَبُ الظَّاهِرِ. (إذَا ضَرَبَ بَطْنَ ظَبْيَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَمَاتَتْ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُمَا) أَمَّا الْأُمُّ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْجَنِينُ فَلِأَنَّ ضَرْبَ الْبَطْنِ سَبَبٌ ظَاهِرٌ لِمَوْتِهِ وَقَدْ ظَهَرَ عَقِيبَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>