(وَلَيْسَ فِي قَتْلِ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَالذِّئْبِ وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ جَزَاءٌ)؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: «خَمْسٌ مِنْ الْفَوَاسِقِ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ، الْحِدَأَةُ وَالْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» وَقَالَ ﷺ «يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْفَأْرَةَ وَالْغُرَابَ وَالْحِدَأَةَ وَالْعَقْرَبَ وَالْحَيَّةَ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ» وَقَدْ ذُكِرَ الذِّئْبُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ الذِّئْبُ، أَوْ يُقَالُ إنَّ الذِّئْبَ فِي مَعْنَاهُ،
مَيِّتًا فَيُحَالُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي قَتْلِ الْغُرَابِ) لَمْ يَقُلْ لَيْسَ فِي قَتْلِ الْمُحْرِمِ إلَخْ جَزَاءٌ، بَلْ أَطْلَقَ نَفْيَ الْجَزَاءِ فِي قَتْلِهِنَّ؛ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا يَسْتَعْقِبُ جَزَاءً فِي الْحَرَمِ وَلَا فِي الْإِحْرَامِ، فَلِهَذَا اسْتَدَلَّ بِمَا يُفِيدُ إبَاحَةَ قَتْلِهِنَّ فِي الْحَرَمِ وَبِمَا يُفِيدُ فِي الْإِحْرَامِ، فَالْأَوَّلُ هُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ ﵊ «خَمْسٌ مِنْ الْفَوَاسِقِ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ» وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ " الْحَيَّةُ " عِوَضُ الْعَقْرَبِ، وَقَالَ فِيهِ: «الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ». وَالثَّانِي مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الْعَقْرَبُ وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ» وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَتْنِي إحْدَى نِسْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ " يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ " فَذَكَرَ الْخَمْسَةَ، وَزَادَ فِيهِ مُسْلِمٌ " وَالْحَيَّةَ " قَالَ: وَفِي الصَّلَاةِ أَيْضًا. وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ؟ قَالَ: يَقْتُلُ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ، وَالْفُوَيْسِقَةَ وَالْكَلْبَ الْعَقُورَ، وَالْحِدَأَةَ وَالسَّبُعَ الْعَادِيَ، وَيَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ» وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ التِّرْمِذِيُّ السَّبُعَ الْعَادِيَ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَحُمِلَ الْغُرَابُ الْمَنْهِيُّ عَنْ قَتْلِهِ هُنَا عَلَى غَيْرِ الْأَبْقَعِ وَهُوَ الَّذِي يَأْكُلُ الزَّرْعَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنَّمَا يَرْمِيهِ؛ لِيُنَفِّرَهُ عَنْ الزَّرْعِ.
وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمُحْرِمَ بِقَتْلِ الذِّئْبِ وَالْفَأْرَةِ وَالْحِدَأَةِ وَالْغُرَابِ» وَفِيهِ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ مُقْتَصِرًا عَلَى الذِّئْبِ، وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ، وَأَخْرَجَ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الذِّئْبَ وَكُلَّ عَدُوٍّ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْكِتَابِ، وَهَذَا مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَذُكِرَ الذِّئْبُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ. وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: «وَالْحَيَّةُ وَالذِّئْبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ». وَقَالَ السَّرَقُسْطِيُّ فِي غَرِيبِهِ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ يُقَالُ لِكُلِّ عَاقِرٍ حَتَّى اللِّصِّ الْمُقَاتِلِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ الذِّئْبُ) وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَسَدُ، أَسْنَدَهُ السَّرَقُسْطِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ سِيلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: الْكَلْبُ الْعَقُورُ: الْأَسَدُ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُقَالُ إنَّ الذِّئْبَ فِي مَعْنَاهُ) يَعْنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute