للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

يَسْتَدْعِي الْإِحْرَامَ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ الْآفَاقِيُّ إلَّا مَكَانًا فِي الْحَرَمِ لِحَاجَةٍ أَوْ لَا جَازَ لَهُ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِلَا إحْرَامٍ.

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ لَا لُزُومَ لَوْ قَالَ إلَى الصَّفَا أَوْ الْمَرْوَةِ أَوْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَوَصَّلُ إلَيْهَا بِالْفِعْلِ إلَّا بِالْإِحْرَامِ شَرْعًا، فَعَرَفَ أَنَّ الْمَدَارَ تَعَارُفُ الْإِيجَابِ بِاللَّفْظِ الْخَاصِّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ مَكَانَ الْمَشْيِ غَيْرَهُ وَالْبَاقِي بِحَالِهِ لَا يَلْزَمُ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ الذَّهَابُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوْ الْخُرُوجُ أَوْ السَّفَرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ إحْرَامٌ حَيْثُ يَلْزَمُ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَارَفْ الْإِيجَابُ بِهِ لِإِفَادَتِهِ الْتِزَامِ الْإِحْرَامِ وَضْعًا، وَكَذَا إذَا قَالَ عَلَيَّ الرُّكُوبُ أَوْ الْإِتْيَانُ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَكَذَا الشَّدُّ وَالْهَرْوَلَةُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ الْمَشْيُ إلَى أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ أَوْ بَابِهَا أَوْ مِيزَابِهَا أَوْ عَرَفَاتٍ أَوْ مُزْدَلِفَةِ أَوْ مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ لِعَدَمِ تَعَارُفِ إيجَابِ النُّسُكِ بِهِ، وَفِي مَوْضِعٍ إلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إلَى مَقَامِ إبْرَاهِيمَ إلَى الرُّكْنِ يَلْزَمُهُ، وَإِلَى أُسْطُوَانَةِ الْبَيْتِ أَوْ زَمْزَمَ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا فِي مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ مَذْكُورٌ فِي الْمَبْسُوطِ.

وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ نِصْفُ حَجَّةٍ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ رِوَايَتَانِ. وَفِي الْمَبْسُوطِ: لَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا أُحْرِمُ فَإِنْ نَوَى بِهِ الْعِدَّةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ الْإِيجَابَ لَزِمَهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ.

وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَلْزَمُهُ لِلْعُرْفِ فِي إرَادَةِ التَّحْقِيقِ لِمِثْلِهِ لِلْحَالِ كَقَوْلِ الْمُؤَذِّنِ وَالشَّاهِدِ أَشْهَدُ. وَمِثْلُهُ مَا ذُكِرَ فِيهِ لَوْ قَالَ أَنَا أَمْشِي إلَى بَيْتِ اللَّهِ إنْ نَوَى الْعِدَّةَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ يُنْدَبُ الْوَفَاءُ بِالْوَعْدِ. وَإِنْ نَوَى النَّذْرَ كَانَ نَذْرًا، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ نَذْرٌ لِلْعَادَةِ اهـ. وَهَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْعُرْفِ فِي النَّذْرِ بِذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَالَ أَنَا أَحُجُّ لَا حَجَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت فَأَنَا أَحُجُّ يَلْزَمُهُ عِنْدَ الشَّرْطِ كَأَنَّهُ عَلَّقَهُ لِأَنَّ تَعَارُفَ الْإِيجَابِ بِهِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّعْلِيقِ.

وَلَوْ قَالَ إنْ عَافَانِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مَرَضِي هَذَا فَعَلَيَّ حَجَّةٌ فَبَرِئَ لَزِمَتْهُ، فَإِذَا حَجَّ جَازَ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا، لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمَرِيضَ الَّذِي فَرَّطَ فِي الْفَرْضِ حَتَّى مَرِضَ ذَلِكَ. وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ فَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِهِ فَعَلَيَّ حَجَّةٌ حَيْثُ يَلْزَمُهُ حَجَّةٌ سِوَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، إلَّا أَنْ يَعْنِيَ بِهِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فَعَلَيَّ أَنْ أَحُجَّ حَيْثُ يَجْزِي عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ غَيْرَهَا، وَمَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ حَكَى خِلَافًا فِي مِثْلِهِ بَيْنَهُمَا قَالَ الْتَزَمَ حَجَّةً ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ سَقَطَ عَنْهُ مَا الْتَزَمَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ.

وَمَنْ نَذَرَ مِائَةَ حَجَّةٍ وَنَحْوَهَا اخْتَلَفُوا فِيهِ. هَلْ تَلْزَمُهُ كُلُّهَا فَيَلْزَمُهُ الْإِيصَاءُ بِهَا أَوْ يَلْزَمُهُ قَدْرُ مَا عَاشَ؟ فَفِي الْخُلَاصَةِ نَصَّ عَلَى لُزُومِ الْكُلِّ. وَذَكَرَ غَيْرَهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ الثَّانِي وَاخْتَارَهُ السُّرُوجِيُّ وَقَبِلَهُ شَدَّادٌ. أُلْحِقَ بِمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَنْ أَحُجَّ سَنَةَ عِشْرِينَ فَمَاتَ قَبْلَهَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. وَقَدْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَحُجَّ وَذَلِكَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَمَاتَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ لَزِمَتْهُ حَجَّةٌ. وَالْحَقُّ أَنَّ لُزُومَ الْكُلِّ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الِالْتِزَامِ ابْتِدَاءً وَإِضَافَتِهِ.

وَلَوْ قَالَ عَشْرَ حِجَجٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لَزِمَهُ عَشْرٌ فِي عَشْرِ سِنِينَ، وَمَنْ قَالَ ثَلَاثِينَ حَجَّةً وَنَحْوَهَا فَأَحَجَّ عَنْهُ ثَلَاثِينَ رَجُلًا فِي سَنَةٍ جَازَ، وَكُلَّمَا عَاشَ النَّاذِرُ بَعْدَ ذَلِكَ سَنَةً بَطَلَتْ مِنْهَا حَجَّةٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ فَظَهَرَ عَدَمُ صِحَّةِ إحْجَاجِهَا، فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ لَزِمَهُ الْإِيصَاءُ بِقَدْرِ مَا عَاشَ مِنْ بَعْدِ الْإِحْجَاجِ.

وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ فِي سَنَةِ كَذَا فَحَجَّ قَبْلَهَا جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَقْيَسُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي نَذْرِ الصَّوْمِ فَارْجِعْ إلَيْهِ

وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْمَنْذُورِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي نَذْرِ الْمَرِيضِ. وَمَا فِي الْمُنْتَقَى: نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>