وَلَا يُشْتَرَطُ وَصْفُ الذُّكُورَةِ حَتَّى يَنْعَقِدَ بِحُضُورِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَسَتَعْرِفُ فِي الشَّهَادَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ حَتَّى يَنْعَقِدَ بِحَضْرَةِ الْفَاسِقَيْنِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ﵀. لَهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ بَابِ الْكَرَامَةِ وَالْفَاسِقُ مِنْ أَهْلِ الْإِهَانَةِ. وَلَنَا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ فَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ،
أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا عَلِمْت أَحَدًا رَدَّ شَهَادَةَ الْعَبْدِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقْبَلُهَا عَلَى الْأُمَمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَكَيْفَ لَا تُقْبَلُ هُنَا، وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فِي رِوَايَةِ الْأَخْبَارِ. وَاَلَّذِي ذُكِرَ مِنْ الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ مِمَّا يُمْنَعُ فَإِنَّهُ لَا تَلَازُمَ عَقْلًا بَيْنَ تَصْدِيقِ مُخْبِرٍ فِي إخْبَارِهِ بِمَا شَاهَدَهُ بَعْدَ كَوْنِهِ عَدْلًا تَقِيًّا وَبَيْنَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَمْلُوكِ الْمَنَافِعِ وَلَا شَرْعًا لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبْتَلَى عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ بِالرِّقِّ وَيُقْبَلُ إخْبَارُهُ؟ كَيْفَ وَلَيْسَ الشَّرْطُ هُنَا كَوْنُ الشَّاهِدِ مِمَّنْ يُقْبَلُ أَدَاؤُهُ، وَلِذَا جَازَ بِعَدْوَى الزَّوْجَيْنِ وَلَا أَدَاءَ لَهُمَا، وَغَايَةُ مَا يُلْمَحُ فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ وِلَايَةً عَلَى نَفْسِهِ شَرْعًا وَلَمْ يُصَحِّحْ لَهُ التَّصَرُّفَ اُلْتُحِقَ بِالْجَمَادَاتِ فِي حَقِّ الْعُقُودِ وَنَحْوِهَا فَكَانَ حُضُورُهُ كَلَا حُضُورٍ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ حَيْثُ قَالَ: وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يُعْقَدُ فِي مَحَافِلِ الرِّجَالِ وَالصِّبْيَانِ وَالْعَبِيدُ لَا يُدْعَوْنَ فِي مَحَافِلِ الرِّجَالِ عَادَةً فَكَانَ حُضُورُهُمَا كَلَا حُضُورٍ. فَحَاصِلُهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ الشَّهَادَةِ إنَّمَا هُوَ لِإِظْهَارِ الْخَطَرِ وَلَا خَطَرَ فِي إحْضَارِ مُجَرَّدِ الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ، وَكَذَا أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَكَذَا النِّسَاءُ مُنْفَرِدَاتٌ عَنْ الرِّجَالِ، فَشَمِلَ هَذَا الْوَجْهَ نَفْيَ شَهَادَةِ الْكُلِّ.
وَعَلَى اعْتِبَارِهِ الْأَوْلَى أَنْ يَنْفِيَ شَهَادَةَ السَّكَارَى حَالِ سُكْرِهِمْ وَعَرْبَدَتِهِمْ وَإِنْ كَانُوا بِحَيْثُ يَذْكُرُونَهَا بَعْدَ الصَّحْوِ، وَهَذَا الَّذِي أَدَّيْنَ اللَّهَ بِهِ
(قَوْلُهُ وَلَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ حَتَّى يَنْعَقِدَ بِحَضْرَةِ الْفَاسِقِينَ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ. لَهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ مِنْ بَابِ الْكَرَامَةِ) حَقِيقَتُهُ الرُّجُوعُ إلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا شُرِطَتْ إظْهَارًا لِلْخَطَرِ وَهُوَ مَعْنَى التَّكَرُّمَةِ (وَالْفَاسِقُ مِنْ أَهْلِ الْإِهَانَةِ) فَلَا تَكَرُّمَةَ وَلَا تَعْظِيمَ لِلْعَقْدِ بِإِحْضَارِهِ. عَارَضَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَلَنَا أَنَّهُ) أَيْ الْفَاسِقُ (مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ فَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ) تَحْلِيلُهُ مِنْ شَرْطِيَّةٍ وُضِعَ فِيهَا الْمُقَدَّمُ أَسْهَلُ مِنْ تَحْلِيلِهِ مِنْ اقْتِرَانِيٍّ كَمَا سَلَكَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ فَأَطَالَ: أَيْ لَمَّا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ، فَهَذِهِ دَعْوَى مُلَازَمَةٌ شَرْعِيَّةٌ. وَقَوْلُهُ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُحَرِّمْ الْوِلَايَةَ عَلَى نَفْسِهِ إلَخْ مُلَازَمَةٌ أُخْرَى لِبَيَانِ الْمُلَازَمَةِ الْأُولَى فِي حَيِّزِ الْمَنْعِ كَالْأُولَى فَعَلَّلَهَا بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ: أَيْ لِأَنَّ الْغَيْرَ مِنْ جِنْسِ الْفَاسِقِ وَيَجُوزُ قَلْبُهُ.
وَفِيهِ تَقْرِيرٌ آخَرُ لِبَعْضِهِمْ بَعِيدٌ مِنْ اللَّفْظِ. وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّ أَحْكَامَ أَفْرَادِ الْجِنْسِ الْمُتَّحِدِ مُتَّحِدَةٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ، فَكُلُّ مُسْلِمٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ خِطَابَاتِ الْأَحْكَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute