للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى مَالِكٍ فِي تَجْوِيزِهِ ذَلِكَ بِرِضَا الْحُرَّةِ، وَلِأَنَّ لِلرِّقِّ أَثَرًا فِي تَنْصِيفِ النِّعْمَةِ عَلَى مَا نُقَرِّرُهُ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَثْبُتُ بِهِ حِلُّ الْمَحَلِّيَّةِ فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ دُونَ حَالَةِ الِانْضِمَامِ

لَمْ يُرْسِلْ إلَّا عَنْ أَصْلٍ يَصِحُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَذَلِكَ إنْ وُجِدَ عَوَامُّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يُفْتُونَ بِمِثْلِ مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ اهـ.

وَبِهِ يَخُصُّ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ إذْ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهُ مَا قَدَّمْنَا. وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ إخْرَاجَ الْمُشْرِكَاتِ وَالْمَجُوسِيَّاتِ بِطَرِيقِ النَّسْخِ عَلَى مَا قَالُوا وَالْمَجُوسِيَّاتُ مُشْرِكَاتٌ وَالنَّاسِخُ لَا يَصِيرُ الْعَامُّ بِهِ ظَنِّيًّا فَلَا يَخُصُّ بَعْدَهُ بِخَبَرٍ وَاحِدٍ أَوْ قِيَاسٍ. وَمَا قِيلَ إنَّهُ مَخْصُوصٌ مِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فَغَلَطٌ، لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ لَمْ يَتَنَاوَلْ الْجَمْعَ لِيَتَحَقَّقَ إخْرَاجُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا قُدِّمَ ذِكْرُهُ مَعَ الْمُحَرَّمَاتِ ثُمَّ قَالَ ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ أَيْ مَا وَرَاءَ الْمَذْكُورَاتِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ أَصْلًا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَالْحَدِيثُ مُطْلَقٌ فَيَشْمَلُ الْعَبْدَ فَإِخْرَاجُهُ يَسْتَدْعِي ثَبْتًا وَلَمْ يُثْبِتْ إذْ إضَافَةُ إخْرَاجِهِ إلَى تَخْصِيصِ الْعِلَّةِ الَّتِي ادَّعَوْا أَنَّهَا مُؤَثِّرَةٌ لِحُرْمَةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ عِنْدَ طَوْلِ الْحُرَّةِ بِغَيْرِ الْعَبْدِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَجْهٌ لَمَّا عُلِمَتْ أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ صِحَّتِهَا يَجِبُ اسْتِوَاءُ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فِيهَا، لِأَنَّ الْمَعْقُولَ تَأْثِيرُ ذَاتِ الرِّقِّ فِي الْمَنْعِ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ وَوُجُودِ الطَّوْلِ (قَوْلُهُ وَعَلَى مَالِكٍ فِي تَجْوِيزِهِ ذَلِكَ بِرِضَا الْحُرَّةِ) مَالِكٌ يَقُولُ بِحُجِّيَّةِ الْمُرْسَلِ إذَا صَحَّ طَرِيقُهُ إلَى التَّابِعِيِّ، لَكِنَّهُ عَلَّلَهُ بِإِغَاظَةِ الْحُرَّةِ بِإِدْخَالِ نَاقِصَةِ الْحَالِ عَلَيْهَا، فَإِذَا رَضِيَتْ انْتَفَى مَا لِأَجْلِهِ الْمَنْعُ فَيَجُوزُ وَهَذَا اسْتِنْبَاطُ مَعْنًى يُخَصَّصُ النَّصَّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا وَلَا مُومًى إلَيْهِ كَانَ تَقْدِيمًا لِلْقِيَاسِ عَلَى لَفْظِ النَّصِّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ عِنْدَنَا بَلْ الْعِبْرَةُ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ لِعَيْنِ النَّصِّ لَا لِمَعْنَاهُ، ثُمَّ بِتَقْدِيرِ جَوَازِ ذَلِكَ فَتَعْلِيلُهُ بِمَا ظَهَرَ أَثَرُهُ وَهُوَ تَنْصِيفُ النِّعْمَةِ بِالرِّقِّ الَّذِي ظَهَرَ أَثَرُهُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِدَّةِ وَالْقَسْمُ أَوْلَى، فَيَكُونُ الْمَنْعُ بِاعْتِبَارِ التَّعْلِيلِ بِهِ لِلتَّنْصِيفِ فِي أَحْوَالِ نِكَاحِ الْأَمَةِ.

بَيَانُهُ أَنَّ الْحِلَّ الثَّابِتَ فِي النِّكَاحِ نِعْمَةٌ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الرِّقَّ مُنَصِّفٌ مَا ذَكَرْنَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ النِّكَاحِ لَمَا لَمْ يُمْكِنْ تَنْصِيفُ نَفْسِ الْحِلِّ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بَلْ نِصْفُ الْحِلِّ أَيْضًا وَهُوَ تَنْصِيفُ الْقَسْمِ إذْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فِي غَيْرِ لَيْلَتِهَا لَأَمْكَنَ، فَيَظْهَرُ أَنَّ حُكْمَ هَذَا الْحَدِيثِ لِإِرَادَةِ تَنْصِيفِ الْأَحْوَالِ جَرْيًا عَلَى مَا اسْتَقَرَّ مَنُوطًا بِالرِّقِّ، وَذَلِكَ أَنَّ لِنِكَاحِهَا حَالَتَيْ انْضِمَامٍ إلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ سَابِقَةٍ وَانْفِرَادٍ عَنْهُ، فَالتَّنْصِيفُ إذَا كَانَ إمْكَانُ الْحَالَتَيْنِ قَائِمًا بِتَصْحِيحِ نِكَاحِهَا فِي حَالَةٍ دُونَ حَالَةٍ، وَتَصْحِيحُ نِكَاحِ الْحُرَّةِ فِي الْحَالَتَيْنِ حَالَةُ الِانْفِرَادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>