للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَقُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ، وَالْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ

مَذْكُورٌ فِي الْكِتَابِ وَسَيُورِدُهُ، إلَّا الْكَفَاءَةَ فِي الْعَقْلِ ذَكَرَهُ الْوَلْوَالِجِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا رِوَايَةَ فِي اعْتِبَارِ الْعَقْلِ فِي الْكَفَاءَةِ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ يُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِعَدَمِهِ مَقْصُودُ النِّكَاحِ، وَقِيلَ لَا؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ، وَلَا تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ عِنْدَنَا فِي السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يُفْسَخُ بِهَا الْبَيْعُ كَالْجُذَامِ وَالْجُنُونِ وَالْبَرَصِ وَالْبَخَرِ وَالدَّفَرِ إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ: أَعْنِي الْجُنُونَ وَالْجُذَامَ وَالْبَرَصَ إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا تُطِيقُ الْمُقَامَ مَعَهُ فَالْحَقُّ اعْتِبَارُ الْكَفَاءَةِ فِي الْعَقْلِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، إلَّا أَنَّ الَّذِي لَهُ التَّفْرِيقُ وَالْفَسْخُ الزَّوْجَةَ لَا الْوَلِيَّ وَكَذَا فِي أَخَوَيْهِ عِنْدَهُ. [فَرْعٌ]

انْتَسَبَ إلَى غَيْرِ نَسَبِهِ لِامْرَأَةٍ فَتَزَوَّجَتْهُ ثُمَّ ظَهَرَ خِلَافُ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُكَافِئْهَا بِهِ كَقُرَشِيَّةٍ انْتَسَبَ لَهَا إلَى قُرَيْشٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ عَرَبِيٌّ غَيْرُ قُرَشِيٍّ فَلَهَا الْخِيَارُ، وَلَوْ رَضِيَتْ كَانَ لِلْأَوْلِيَاءِ التَّفْرِيقُ وَإِنْ كَافَأَهَا بِهِ كَعَرَبِيَّةٍ لَيْسَتْ قُرَشِيَّةً انْتَسَبَ لَهَا إلَى قُرَيْشٍ فَظَهَرَ أَنَّهُ عَرَبِيٌّ غَيْرُ قُرَشِيٍّ فَلَا حَقَّ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَلَهَا هِيَ الْخِيَارُ عِنْدَنَا إنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ خِلَافًا لِزُفَرَ. وَلَنَا أَنَّهُ شَرَطَ لِنَفْسِهَا فِي النِّكَاحِ زِيَادَةَ مَنْفَعَةٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ابْنُهَا صَالِحًا لِلْخِلَافَةِ، فَإِذَا لَمْ تَنَلْ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ، كَشِرَاءِ الْعَبْدِ عَلَى أَنَّهُ كَاتِبٌ فَظَهَرَ خِلَافُهُ. وَأَيْضًا الِاسْتِفْرَاشُ ذُلٌّ فِي جَانِبِهَا فَقَدْ تَرْضَى بِهِ مِمَّنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا لَا مِنْ مِثْلِهَا، فَإِذَا ظَهَرَ خِلَافُهُ فَقَدْ غَرَّهَا وَتَبَيَّنَ عَدَمُ رِضَاهَا بِالْعَقْدِ فَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الِانْتِسَابُ مِنْ جَانِبِهَا وَالْغُرُورُ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ بِمَا ظَهَرَ مِنْ غُرُورِهَا وَلِتَخَلُّصِهِ مِنْهَا بِطَرِيقٍ يُمْكِنُهُ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ الْخِيَارِ وَيَحْتَاجُ بَعْدَ هَذَا إلَى فَضْلِ تَقْرِيرٍ، وَفَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ إثْبَاتِ خِيَارِ الْبُلُوغِ لِلْغُلَامِ وَهُوَ سَهْلٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ فَقُرَيْشٌ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ) رَوَى الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ فِيهِ مَجْهُولٌ، فَإِنَّ شُجَاعَ بْنَ الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا بَعْضُ إخْوَانِنَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ «الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ وَرَجُلٌ بِرَجُلٍ، وَالْمَوَالِي بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ قَبِيلَةٌ بِقَبِيلَةٍ وَرَجُلٌ بِرَجُلٍ إلَّا حَائِكًا أَوْ حَجَّامًا» وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ فِيهِ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي الْفَضْلِ الْأَيْلِيُّ، وَضُعِّفَ بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ وَأَنَّ عِمْرَانَ هَذَا يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنْ الْأَثْبَاتِ.

وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «النَّاسُ أَكْفَاءٌ قَبِيلَةٌ لِقَبِيلَةٍ وَعَرَبِيٌّ لِعَرَبِيٍّ وَمَوْلًى لِمَوْلًى إلَّا حَائِكًا أَوْ حَجَّامًا» وَضُعِّفَ بِبَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ وَهُوَ مُخَيَّلٌ إنْ عَنْعَنَ الْحَدِيثَ لَيْسَ غَيْرُ، وَبِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْفَضْلِ مَطْعُونٌ فِيهِ. وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَعُمَرَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ عُرْوَةَ قَالَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ هُوَ الطَّرَائِفِيُّ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ يَرْوِي الْمَجَاهِيلَ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ اهـ كَلَامُهُ.

وَرَوَى الْبَزَّارُ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ يَرْفَعُهُ «الْعَرَبُ بَعْضُهُمْ أَكْفَاءٌ لِبَعْضٍ» اهـ.

وَابْنُ مَعْدَانَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ مُعَاذٍ، وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي الْجَوْنِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَمْ أَجِدْ لَهُ ذِكْرًا. وَبِالْجُمْلَةِ فَلِلْحَدِيثِ أَصْلٌ، فَإِذًا

<<  <  ج: ص:  >  >>