ثُمَّ هَذِهِ الْمُتْعَةُ وَاجِبَةٌ رُجُوعًا إلَى الْأَمْرِ، وَفِيهِ خِلَافُ مَالِكٍ (وَالْمُتْعَةُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ مِنْ كِسْوَةِ مِثْلِهَا) وَهِيَ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ. وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ﵄. وَقَوْلُهُ مِنْ كِسْوَةِ مِثْلِهَا
نَفْيِهِ ابْتِدَاءً عَنْ أَنْ يَجِبَ
(قَوْلُهُ ثُمَّ هَذِهِ الْمُتْعَةُ) أَيْ مُتْعَةُ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ الَّتِي لَمْ يُفْرَضْ لَهَا مَهْرٌ فِي الْعَقْدِ (وَاجِبَةٌ) عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَخَصَّهَا احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِهَا مِنْ النِّسَاءِ فَإِنَّ الْمُتْعَةَ لِغَيْرِهَا مُسْتَحَبَّةٌ إلَّا لِمَنْ سَنَذْكُرُ. وَقَوْلُهُ (رُجُوعًا إلَى الْأَمْرِ) هُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ﴾ عَقِيبَ قَوْلِهِ ﴿لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ أَيْ وَلَمْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً فَانْصَرَفَ إلَى الْمُطَلَّقَاتِ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْمَسِيسِ، بِخِلَافِ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنَّ الْمُتْعَةَ مُسْتَحَبَّةٌ لَهَا فَرَضَ لَهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَفِيهِ خِلَافُ مَالِكٍ) فَمَذْهَبُهُ اسْتِحْبَابُ الْمُتْعَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الصُّوَرِ إلَّا الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ بَعْدَ الْفَرْضِ إلَّا أَنْ تَجِيءَ الْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ.
وَوَجْهُ قَوْلِهِ تَعْلِيقُهُ بِالْمُحْسِنِ: أَعْنِي الْأَمْرَ الْمَذْكُورَ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ عَقِيبَهُ ﴿حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ﴾ وَهُمْ الْمُتَطَوِّعُونَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ قَرِينَةَ صَرْفِ الْأَمْرِ الْمَذْكُورِ إلَى النَّدْبِ. وَالْجَوَابُ مَنْعُ قَصْرِ الْمُحْسِنِ عَلَى الْمُتَطَوِّعِ بَلْ هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ وَمِنْ الْقَائِمِ بِالْوَاجِبَاتِ أَيْضًا فَلَا يُنَافِي الْوُجُوبَ فَلَا يَكُونُ صَارِفًا لِلْأَمْرِ عَنْ الْوُجُوبِ مَعَ مَا انْضَمَّ إلَيْهِ مِنْ لَفْظِ حَقًّا وَعَلَى (قَوْلِهِ وَالْمُتْعَةُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ مِنْ كِسْوَةِ مِثْلِهَا وَهِيَ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ) قُدِّرَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا اللُّبْسُ الْوَسَطُ؛ لِأَنَّهَا تُصَلِّي وَتَخْرُجُ غَالِبًا فِيهَا.
وَفِي الْمَبْسُوطِ: أَدْنَى الْمُتْعَةِ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ (وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ) وَمَنْ بَعْدَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute