للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَايَةَ فِيهِ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ الْبَيْعِ. وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً يَدِينُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ مُحْتَمَلُ كَلَامِهِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.

(وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فِي ثِنْتَيْنِ وَنَوَى الضَّرْبَ وَالْحِسَابَ أَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهِيَ وَاحِدَةٌ) وَقَالَ زُفَرُ: تَقَعُ ثِنْتَانِ لِعُرْفِ الْحِسَابِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ. وَلَنَا أَنَّ عَمَلَ الضَّرْبِ أَثَرُهُ فِي تَكْثِيرِ الْأَجْزَاءِ لَا فِي زِيَادَةِ الْمَضْرُوبِ، وَتَكْثِيرُ أَجْزَاءِ الطَّلْقَةِ لَا يُوجِبُ تَعَدُّدَهَا (فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ فَهِيَ ثَلَاثٌ) لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ فَإِنَّ حَرْفَ الْوَاوِ لِلْجَمْعِ وَالظَّرْفَ يَجْمَعُ الْمَظْرُوفَ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا تَقَعُ وَاحِدَةً كَمَا فِي قَوْلِهِ وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ،

بِخِلَافِ بِعْت مِنْ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ لِأَنَّ التَّعَارُفَ إنَّمَا وَقَعَ فِي الْأَعْدَادِ نَحْوَ مِنْ سِتِّينَ إلَى سَبْعِينَ وَمَا بَيْنَ سِتِّينَ إلَى سَبْعِينَ وَنَحْوَهُ فَبَقِيَ اللَّفْظُ فِي غَيْرِهَا عَلَى مُقْتَضَاهُ لُغَةً فَلَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ.

وَبِهِ انْدَفَعَ سُؤَالُ أَنَّ مَا بَيْنَ يَقْتَضِي وُجُودَ الطَّرَفَيْنِ فَيَقَعَانِ كَقَوْلِهِمَا فَإِنَّ الْعُرْفَ أَعْطَى أَنَّ قَضِيَّتَهُ عَدَمُ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ. [فَرْعَانِ]

لَوْ قَالَ: مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى عَشْرَةٍ يَقَعُ ثِنْتَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ: يَقَعُ ثَلَاثٌ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُعْتَبَرٌ فِي الطَّلَاقِ، حَتَّى لَوْ قَالَتْ: طَلَّقَنِي سِتًّا بِأَلْفٍ وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَعَتْ الثَّلَاثُ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَلَوْ قَالَ: مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ وَثَلَاثٍ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ نُقِلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَايَةً. وَكَذَا يَجِبُ عِنْدَ الْكُلِّ إلَّا إنْ كَانَ فِيهِ الْعُرْفُ الْكَائِنُ فِي الْغَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى وَاحِدَةً) أَيْ فِي مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ وَفِي مَا بَيْنَ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ إذَا كَانَ فِيهِ عُرْفُ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ) وَفِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فِي ثِنْتَيْنِ وَنَوَى الضَّرْبَ وَالْحِسَابَ) عَالِمًا بِعُرْفِ الْحِسَابِ (فَهِيَ وَاحِدَةٌ) فَفِيمَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ أَوْلَى أَنْ تَقَعَ وَاحِدَةٌ. وَقَالَ زُفَرُ وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: يَقَعُ ثِنْتَانِ بِعُرْفِ الْحِسَابِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي وَجْهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْحِسَابَ لَكِنَّهُ قَصَدَ مُوجِبَهُ عِنْدَ الْحِسَابِ، فَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يَعْرِفُ الْحِسَابَ وَقَصَدَ مُوجِبَهُ عِنْدَهُمْ وَقَعَ ثِنْتَانِ وَجْهًا وَاحِدًا، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ. وَعِنْدَنَا يَقَعُ وَاحِدَةٌ بِكُلِّ حَالٍ.

وَجْهُ قَوْلِ زُفَرَ أَنَّ عُرْفَهُمْ فِيهِ تَضْعِيفُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِعَدَدِ الْآخَرِ، فَقَوْلُهُ وَاحِدَةً فِي ثِنْتَيْنِ كَقَوْلِهِ وَاحِدَةً مَرَّتَيْنِ أَوْ ثِنْتَيْنِ مَرَّةً وَثِنْتَيْنِ فِي ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ مَرَّتَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: طَالِقٌ أَرْبَعًا فَيَقَعَ الثَّلَاثُ، فَالْإِلْزَامُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَبْقَ فَقِيرٌ فِي الدُّنْيَا لَا مَعْنَى لَهُ أَصْلًا، لِأَنَّ ضَرْبَهُ دِرْهَمَهُ مَثَلًا فِي مِائَةِ أَلْفٍ إنْ كَانَ عَلَى مَعْنَى الْإِخْبَارِ كَقَوْلِهِ عِنْدِي دِرْهَمٌ فِي مِائَةٍ فَهُوَ كَذِبٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْإِنْشَاءِ كَجَعَلْتُهُ فِي مِائَةٍ لَا يُمْكِنُ لِأَنَّهُ لَا يَنْجَعِلُ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ مِائَةً فَلَيْسَ ذَلِكَ الْكَلَامُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ أَثَرُهُ فِي تَكْثِيرِ الْمَضْرُوبِ لَا فِي زِيَادَةِ الْعَدَدِ) وَالطَّلْقَةُ الَّتِي جُعِلَ لَهَا أَجْزَاءٌ كَثِيرَةٌ لَا تَزِيدُ عَلَى طَلْقَةٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا مَعْنَى لَهُ بَعْدَ قَوْلِنَا إنْ عَرَفَ الْحِسَابَ فِي التَّرْكِيبِ اللَّفْظِيِّ كَوْنَ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ مُضَعَّفًا بِعَدَدِ الْآخَرِ، فَإِنَّ الْعُرْفَ لَا يَمْنَعُ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِعُرْفِهِمْ وَأَرَادَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ أَوْقَعَ بِلُغَةٍ أُخْرَى فَارِسِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ يُدْرِيهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً وَثِنْتَيْنِ) بِقَوْلِهِ وَاحِدَةً فِي ثِنْتَيْنِ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا وَقَعَتْ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ، فَإِنَّ حَرْفَ الْوَاوِ لِلْجَمْعِ وَالظَّرْفَ يَجْمَعُ الْمَظْرُوفَ فَصَحَّ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَعْنَى الْوَاوِ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>