فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الشَّرْطُ لَمْ تَطْلُقْ فِي الْحَالِ. وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْوَقْتُ تَطْلُقُ فَلَا تَطْلُقُ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ،
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الضَّيْفَ مُخْبِرُ أَهْلِهِ … بِمَبِيتِ لَيْلَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْأَلْ
وَدَعِ الْقَوَارِصَ لِلصِّدِّيقِ وَغَيْرِهِ … كَيْ لَا يَرَوْكَ مِنْ اللِّئَامِ الْعُزَّلِ
وَصِلْ الْمُوَاصِلَ مَا صَفَا لَك وُدُّهُ … وَاحْذَرْ حِبَالَ الْخَائِنِ الْمُتَبَذِّلِ
وَاتْرُكْ مَحِلَّ السُّوءِ لَا تَحْلُلْ بِهِ … وَإِذَا نَبَا بِك مَنْزِلٌ فَتَحَوَّلْ
دَارُ الْهَوَانِ لِمَنْ رَآهَا دَارِهِ … أَفَرَاحِلٌ عَنْهَا كَمَنْ لَمْ يَرْحَلْ
وَاسْتَأْنِ حِلْمَك فِي أُمُورِك كُلِّهَا … وَإِذَا عَزَمْت عَلَى النَّدَى فَتَوَكَّلْ
وَاسْتَغْنِ مَا أَغْنَاك رَبُّك بِالْغِنَى … وَإِذَا تُصِبْك خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّلْ
وَإِذَا هَمَمْت بِأَمْرِ شَرٍّ فَاتَّئِدْ … وَإِذَا هَمَمْت بِأَمْرِ خَيْرٍ فَاعْجَلْ
وَإِذَا أَتَتْك مِنْ الْعَدُوِّ قَوَارِصُ … فَاقْرُصْ لِذَاكَ وَلَا تَقُلْ لَمْ أَفْعَلِ
وَإِذَا افْتَقَرْت فَلَا تَكُنْ مُتَخَشِّعًا … تَرْجُو الْفَوَاضِلَ عِنْدَ غَيْرِ الْمُفْضَلِ
وَإِذَا تَشَاجَرَ فِي فُؤَادِك مَرَّةً … أَمْرَانِ فَاعْمِدْ لِلْأَعَفِّ الْأَجْمَلِ
وَإِذَا لَقِيت الْقَوْمَ فَاضْرِبَ فِيهِمْ … حَتَّى يَرَوْكَ طِلَاءَ أَجْرَبَ مُهْمَلِ
وَإِذَا رَأَيْت الْبَاهِشِينَ إلَى النَّدَى … غُبْرًا أَكُفُّهُمْ بِقَاعٍ مُمْحِلِ
فَأَعْنِهِمْ وَأَيْسِرْ بِمَا يُسَرُّوا بِهِ … وَإِذَا هُمُوا نَزَلُوا بِضَنْكٍ فَانْزِلْ
وَقَدْ اسْتَعْمَلَ الشَّاعِرُ إذَا فِيهَا لِلشَّرْطِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ مَوْضِعًا بِالْجَزْمِ وَدُخُولِ فَاءِ الْجَزَاءِ، وَمَعْقِلٌ مِنْ عَقَلْت النَّاقَةَ بِالْعَقْلِ، يُرِيدُ عَقْلِي بِرَيْبِ الدَّهْرِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ، وَتَجَمَّلْ: أَيْ أَظْهِرْ جَمِيلًا وَلَا تُظْهِرْ جَزَعًا، وَقِيلَ كُلْ الْجَمِيلَ الْمَجْمُولَ وَهُوَ الشَّحْمُ الْمُذَابُ، وَأَيْنَ هَذَا مِنْ الْأَوَّلِ فِي التَّأْدِيبِ. وَفِي الْمُنْتَقَى لَوْ قَالَ: إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ قَبْلَ التَّطْلِيقِ حَنِثَ فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ فَيَقَعَ عَلَيْهَا طَلَاقٌ، وَهَذَا الطَّلَاقُ يَصْلُحُ شَرْطًا فِي الْيَمِينِ الْأُولَى. لِأَنَّهُ وَقَعَ بِكَلَامٍ وُجِدَ بَعْدَ الْيَمِينِ الْأُولَى فَحَنِثَ فِي الْيَمِينَيْنِ فَيَقَعَ طَلَاقَانِ.
وَلَوْ قَلَبَ فَقَالَ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَ يَقَعُ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَ قَبْلَ التَّطْلِيقِ صَارَ حَانِثًا فِي الْيَمِينِ الْأُولَى فَيَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا يَصْلُحُ شَرْطًا فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ وَقَعَ بِكَلَامٍ وُجِدَ قَبْلَ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ، فَالشُّرُوطُ تُرَاعَى فِي الْمُسْتَقْبِلِ لَا الْمَاضِي وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا. وَإِنَّمَا هَذَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَيَقَعَانِ بَعْدَ زَمَانٍ يَسِيرٍ فِي الْأُولَى لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ بِعَيْنِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَقَعُ وَاحِدَةٌ كَمَا سَكَتَ لِأَنَّهُ حَنِثَ فِي قَوْلِهِ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَسْكُتْ حَتَّى مَاتَ لِأَنَّ زَمَانَ قَوْلِهِ إذَا طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ زَمَانٌ يُوجَدُ فِيهِ تَطْلِيقٌ فَيَقَعَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهُ.
وَهَذِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ مِنْ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ: أَنْتِ طَالِقٌ إذَا تَزَوَّجْتُك قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك، وَقَلْبُهُ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك إذَا تَزَوَّجْتُك، وَإِذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ أَنْ أَتَزَوَّجَك، فَفِي الصُّورَتَيْنِ