للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدَةً، إلَّا أَنَّ الْمَجْلِسَ تَارَةً يَتَبَدَّلُ بِالذَّهَابِ عَنْهُ وَتَارَةً بِالِاشْتِغَالِ بِعَمَلٍ آخَرَ، إذْ مَجْلِسُ الْأَكْلِ غَيْرُ مَجْلِسِ

إثْمٌ عَلَى نَفْسِ الْفِعْلِ وَلَا خُلْفَ فِي عَدَمِ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ مُخْلِفٌ إنْ لَمْ يَفْعَلْ وَيُتَصَوَّرُ الْمِلْكُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ اثْنَيْنِ فَإِنَّ تَمْلِيكَ الْفِعْلِ هَكَذَا، وَلُزُومَ انْتِفَاءِ الْمِلْكِ بِالتَّمْلِيكِ فِي الْأَعْيَانِ لَا فِي مِلْكِ الْأَفْعَالِ لِلْقَطْعِ بِثُبُوتِ مِلْكِ كُلٍّ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ لِفِعْلٍ وَاحِدٍ كَمُلَا وَهُوَ الِاقْتِصَاصُ، وَمَسْأَلَةُ الْيَمِينِ مَمْنُوعَةٌ، وَالْحِنْثُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَالْمَنْعُ مَذْكُورٌ فِي الزِّيَادَاتِ لِصَاحِبِ الْمُحِيطِ، وَأَمَّا الْمَدْيُونُ فَوَكِيلٌ، وَإِنَّمَا وَقَعَ عَمَلُهُ فِي الْإِبْرَاءِ لِرَبِّ الدَّيْنِ بِاعْتِبَارِ أَمْرِهِ، وَثَبَتَ أَثَرُ التَّصَرُّفِ لِنَفْسِهِ فِي ضِمْنِهِ وَهُوَ فَرَاغُ ذِمَّتِهِ، وَفِي هَذَا نَظَرٌ نَبْرِيهِ فِي تَطْلِيقِهَا نَفْسَهَا بِأَنْ يُقَالَ: هِيَ وَكِيلَةٌ فَهِيَ فِي نَفْسِ فِعْلِ الْإِيقَاعِ عَامِلَةٌ لَهُ، وَثُبُوتُ الْحَاصِلِ لَهَا ضِمْنًا، وَلَوْ الْتَزَمَ كَوْنَ الْمَدْيُونِ مُمَلَّكًا لَمْ يَصِحَّ لِانْتِفَاءِ لَازِمِهِ لِأَنَّ لِلدَّائِنِ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ الْإِبْرَاءِ وَسَنَذْكُرُ مَا هُوَ الْأَوْجَهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَوَابَ الَّذِي يَسْتَدْعِيهِ التَّمْلِيكُ هُوَ الْقَبُولُ فِي الْمَجْلِسِ، وَالْجَوَابَ الْمُتَكَلَّمَ فِيهِ هُوَ تَطْلِيقُهَا نَفْسَهَا وَهُوَ بَعْدَ تَمَامِ التَّمْلِيكِ فَلَيْسَ هَذَا الْوَجْهُ مُسْتَلْزِمًا لِلْمَطْلُوبِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: إنَّ هَذَا التَّمْلِيكَ يُخَالِفُ سَائِرَ التَّمْلِيكَاتِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَبْقَى إلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ إنْ كَانَتْ غَائِبَةً، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ، فَظَهَرَ أَنَّ هَذَا التَّمْلِيكَ بِخُصُوصِهِ لَا يَسْتَدْعِي الْجَوَابَ الَّذِي يُتِمُّ بِهِ التَّمْلِيكَاتِ، وَلِكَوْنِهِ تَمْلِيكًا يَتِمُّ بِالْمُمَلِّكِ وَحْدَهُ بِلَا قَبُولٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّجُوعِ لَا لِكَوْنِهِ مُتَضَمِّنًا مَعْنَى التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ اعْتِبَارٌ يُمْكِنُ فِي سَائِرِ الْوَكَالَاتِ لِتَضَمُّنِهَا مَعْنَى إنْ بِعْته فَقَدْ أَجَزْته، وَالْوِلَايَاتُ لِتَضَمُّنِهَا إذَا حَكَمْت بَيْنَ مَنْ شِئْت فَقَدْ أَجَزْته فَكَانَ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَصِحَّ الرُّجُوعُ وَالْعَزْلُ فِيهِمَا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِهَذَا الْمَعْنَى لِابْتِنَائِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، لَكِنْ إذَا كَانَ الْمِلْكُ يَثْبُتُ فِيهِ بِالْمُمَلِّكِ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُخَالِفُ سَائِرَ التَّمْلِيكَاتِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَبْقَى إلَى مَا وَرَاءَ الْمَجْلِسِ، بَلْ بَقَاؤُهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ الَّتِي يَثْبُتُ الْمِلْكُ عِنْدَهَا، وَإِنَّمَا خَالَفَهَا بِمَا ذَكَرْنَا وَبِاعْتِبَارِ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْمَجْلِسِ، وَالْمُسْتَنَدُ فِيهِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْمَجْلِسِ فِي الْخِطَابِ الْمُطْلَقِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَك مَتَى شِئْت فَهُوَ لَهَا فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا فَوَّضَ وَهِيَ غَائِبَةٌ اُعْتُبِرَ مَجْلِسُ عِلْمِهَا، وَلَوْ قَالَ: جَعَلْت لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا الْيَوْمَ اُعْتُبِرَ مَجْلِسَ عِلْمِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَلَوْ مَضَى الْيَوْمُ ثُمَّ عَلِمَتْ يَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا، وَكَذَا كُلُّ وَقْتٍ قُيِّدَ التَّفْوِيضُ بِهِ وَهِيَ غَائِبَةٌ وَلَمْ تَعْلَمْ حَتَّى انْقَضَى بَطَلَ خِيَارُهَا فِي الْمَجْلِسِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْيَمِينِ، إذْ هُوَ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِتَطْلِيقِهَا نَفْسَهَا وَقَدْ عَلِمْت مَا هُوَ التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ: إذْ مَجْلِسُ إلَخْ) لَوْ كَانَا يَتَحَدَّثَانِ فَأَخَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>