للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَذَا إذَا) (مَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) لِأَنَّ بِالِاسْتِثْنَاءِ خَرَجَ الْكَلَامُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إيجَابًا وَالْمَوْتُ يُنَافِي الْمُوجِبَ دُونَ الْمُبْطِلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الِاسْتِثْنَاءُ

(وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً طَلُقَتْ ثِنْتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ طَلُقَتْ وَاحِدَةً)

مَا لَوْ قَالَ لَهَا: قُلْت لَك: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت فَقَالَتْ: طَلَّقَنِي مُنَجَّزًا الْقَوْلُ قَوْلُهُ. وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: إذَا ذُكِرَ الْجُعْلُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ وَالطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ كَالْخَلْعِ.

وَنَقَلَ نَجْمُ الدِّينِ النَّسَفِيُّ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ مَشَايِخَنَا أَجَابُوا فِي دَعْوَى الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ أَنْ لَا يُصَدَّقَ الزَّوْجُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَقَدْ فَسَدَ حَالُ النَّاسِ. وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنْ يَنْظُرَ، فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ وَالشُّهُودُ لَا يَشْهَدُونَ عَلَى النَّفْيِ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ بِمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ تَصْدِيقًا لَهُ، وَإِنْ عُرِفَ بِالْفِسْقِ أَوْ جُهِلَ حَالُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤْخَذَ بِقَوْلِ الْمَانِعِ لِغَلَبَةِ الْفُسَّاقِ فِي هَذَا الزَّمَانِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا مَاتَتْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ. وَقَوْلُهُ وَالْمَوْتُ يُنَافِي إلَى آخِرِهِ جَوَابٌ عَنْ مُقَدَّرٍ هُوَ أَنَّ الْمَوْتَ يُنَافِي الْوَاقِعَ مِنْ الطَّلَاقِ، حَتَّى لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَاتَتْ قَبْلَ الْوَصْفِ أَوْ الْعَدَدِ لَا يَقَعُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُنَافِيَ الِاسْتِثْنَاءَ وَهُوَ الْمُبْطِلُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ. أَجَابَ بِأَنَّ الْمَوْتَ يُنَافِي الْمُوجِبَ فَيَبْطُلُ بِهِ وَيُنَاسِبُ الِاسْتِثْنَاءَ فَلَا يَبْطُلُ بِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ الزَّوْجُ) قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ يُرِيدُهُ وَيَعْلَمُ إرَادَتَهُ بِأَنْ ذَكَرَ لِآخِرِ قَصْدِهِ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: يَحْتَمِلُ كَذِبَهُ عَلَى الرَّجُلِ فِي ذَلِكَ أَوْ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ فَيَتْرُكَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ تَصْدِيقُهُ فِيهِ، ثُمَّ الْوَاقِعُ الْوُقُوعُ فَبَحْثُهُ هَذَا إذَا كَانَ لِإِثْبَاتِ عَدَمِ الْوُقُوعِ فَقَدْ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ إذَا اكْتَفَى فِي إثْبَاتِ حُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ بِنِيَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لَهُ غَيْرُ اللَّجَاجِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: إلَّا ثِنْتَيْنِ طَلُقَتْ وَاحِدَةً) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى الْأَكْثَرَ وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ. قَالُوا: لَمْ تَتَكَلَّمْ الْعَرَبُ بِهِ وقَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ وَالْغَاوُونَ الْأَكْثَرُونَ. قَالَ: تَعَالَى ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ﴾ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ، إذْ الْمُرَادُ بِعِبَادِي الْخُلَّصُ هَكَذَا اسْتَقَرَّ الِاسْتِعْمَالُ الْقُرْآنِيُّ، عَلَى أَنَّ هَذِهِ النِّسْبَةَ لِلتَّشْرِيفِ فَلَمْ يَدْخُلْ الْغَاوُونَ.

قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ ثُبُوتِهِ لُغَةً وَمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ التَّأْوِيلِ فِي الْآيَةِ مَمْنُوعٌ وَلَوْ سُلِّمَ مَعَ مَا فِيهِ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْهُ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ ﷿: «يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ، يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ». وَلَوْ سُلِّمَ فَعَدَمُ السَّمَاعِ فِي تَرْكِيبٍ مُعَيَّنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>