للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمَّاهُ مُحَلِّلًا وَهُوَ الْمُثَبِّتُ لِلْحِلِّ

(وَإِذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَقَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَتَزَوَّجْت وَدَخَلَ بِي الزَّوْجُ وَطَلَّقَنِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي وَالْمُدَّةُ تَحْتَمِلُ ذَلِكَ جَازَ لِلزَّوْجِ أَنْ يُصَدِّقَهَا إذَا كَانَ فِي غَالِبِ ظَنِّهِ أَنَّهَا صَادِقَةٌ).

الْكَمَالِ فِيهِ، بِأَنْ يَصِيرَ بِحَيْثُ يَمْلِكُ تَجْدِيدَهُ بَعْدَ الطَّلْقَةِ وَالطَّلْقَتَيْنِ، وَمَا صَلَحَ سَبَبًا لِأَصْلِ الشَّيْءِ صَلَحَ سَبَبًا لِوَصْفِهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ غَايَةُ مَا تَحَقَّقَ مِنْ الشَّارِعِ تَسْمِيَتُهُ مُحَلِّلًا، وَمَفْهُومُهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنَّهُ مُثْبِتٌ لِمُجَرَّدِ الْحِلِّ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ، وَكَوْنُ الْحِلِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ مِنْ مَفْهُومِهِ، وَثُبُوتُهُ كَذَلِكَ فِي صُورَةِ الْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ لَيْسَ مِنْهُ بَلْ بِاتِّفَاقِ الْحَالِ، وَهُوَ أَنَّهُ مَحِلٌّ ابْتَدَأَ فِيهِ الْحِلُّ لِاسْتِيفَاءِ الزَّوْجِ مَالَهُ مِنْ الطَّلْقَاتِ قَبْلَهُ، وَحَيْثُ ابْتَدَأَ ثُبُوتُ الْحِلِّ كَانَ ثَلَاثًا شَرْعًا، فَظَهَرَ أَنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَبَاقِي الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَلَقَدْ صَدَقَ قَوْلُ صَاحِبِ الْأَسْرَارِ: وَمَسْأَلَةٌ يُخَالَفُ فِيهَا كِبَارُ الصَّحَابَةِ يَعُوزُ فِقْهُهَا وَيَصْعُبُ الْخُرُوجُ مِنْهَا، وَقَدْ يُسْتَدَلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِحَدِيثِ الْعُسَيْلَةِ حَيْثُ قَالَ «أَتُرِيدِينَ أَنْ تَعُودِي إلَى رِفَاعَةَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» فَغَيَّا عَدَمَ الْعَوْدِ بِالذَّوْقِ.

فَعِنْدَهُ يَنْتَهِي عَدَمُهُ وَيَثْبُتُ هُوَ، وَالْعَوْدُ هُوَ الرُّجُوعُ إلَى الْحَالَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا يَمْلِكُ فِيهَا الزَّوْجُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِصِدْقِ حَقِيقَتِهِ قَبْلَ الزَّوْجِ الثَّانِي لَوْ قَالَ بَعْدَ الطَّلْقَةِ وَالطَّلْقَتَيْنِ بِلَا تَحَلُّلِ زَوْجٍ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَعُودِي إلَى فُلَانٍ صَدَقَ حَقِيقَتُهُ وَإِنْ كَانَ الْعَوْدُ لَا إلَى مَا يَمْلِكُ بِهِ ثَلَاثًا.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَوْدَ إلَى عَيْنِ الْحَالَةِ الْأُولَى مُحَالٌ، فَالْمُرَادُ الْعَوْدُ إلَى شَبَهِهَا وَذَلِكَ يَصْدُقُ بِمُجَرَّدِ مِلْكِ النِّكَاحِ وَالْحِلِّ لِانْتِفَاءِ اشْتِرَاطِ عُمُومِ وَجْهِ التَّشْبِيهِ

(قَوْلُهُ فَقَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَتَزَوَّجْتُ وَدَخَلَ بِي الزَّوْجُ وَطَلَّقَنِي وَانْقَضَتْ عِدَّتِي) فِي النِّهَايَةِ: إنَّمَا ذَكَرَ إخْبَارَهَا هَكَذَا مَبْسُوطًا، لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ حَلَلْت لَك فَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَالَتْ لَمْ يَكُنْ الثَّانِي دَخَلَ بِي، إنْ كَانَتْ عَالِمَةً بِشَرَائِطِ الْحِلِّ لَمْ تُصَدَّقْ وَإِلَّا تُصَدَّقُ، وَفِيمَا ذَكَرَتْهُ مَبْسُوطًا لَا تُصَدَّقُ فِي كُلِّ حَالٍ.

وَعَنْ السَّرَخْسِيِّ: لَا يَحِلُّ لَهُ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا حَتَّى يَسْتَفْسِرَهَا لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَ النَّاسِ فِي حِلِّهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ.

وَفِي التَّفَارِيقِ: لَوْ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَسْأَلْهَا ثُمَّ قَالَتْ مَا تَزَوَّجْت أَوْ مَا دَخَلَ بِي صَدَقَتْ إذْ لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مَنْ جِهَتِهَا.

وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ إقْدَامَهَا عَلَى النِّكَاحِ اعْتِرَافٌ مِنْهَا بِصِحَّتِهِ فَكَانَتْ مُتَنَاقِضَةً فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهَا، كَمَا لَوْ قَالَتْ بَعْدَ التَّزَوُّجِ بِهَا كُنْت مَجُوسِيَّةً أَوْ مُرْتَدَّةً أَوْ مُعْتَدَّةً أَوْ مَنْكُوحَةَ الْغَيْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>