للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَالْقِصَاصِ (وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا) لِمَا بَيَّنَّا وَلِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ الْمَالِ بِالنَّفْسِ وَقَدْ مَلَكَ الزَّوْجُ أَحَدَ الْبَدَلَيْنِ فَتَمْلِكُ هِيَ الْآخَرَ وَهِيَ النَّفْسُ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ.

قَالَ (وَإِنْ بَطَلَ الْعِوَضُ فِي الْخُلْعِ مِثْلَ أَنْ يُخَالِعَ الْمُسْلِمُ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ فَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ وَالْفُرْقَةُ بَائِنَةٌ، وَإِنْ بَطَلَ الْعِوَضُ فِي الطَّلَاقِ كَانَ رَجْعِيًّا) فَوُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْوَجْهَيْنِ لِلتَّعْلِيقِ بِالْقَبُولِ وَافْتِرَاقُهُمَا فِي الْحُكْمِ لِأَنَّهُ لَمَّا بَطَلَ الْعِوَضُ كَانَ الْعَامِلُ فِي الْأَوَّلِ لَفْظُ الْخُلْعِ وَهُوَ كِنَايَةٌ، وَفِي الثَّانِي الصَّرِيحُ وَهُوَ يَعْقُبُ الرَّجْعَةَ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِلزَّوْجِ شَيْءٌ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَا سَمَّتْ مَالًا مُتَقَوِّمًا حَتَّى تَصِيرَ غَارَّةٌ لَهُ، وَلِأَنَّهُ لَا وَجْهَ إلَى إيجَابِ الْمُسَمَّى لِلْإِسْلَامِ وَلَا إلَى إيجَابِ غَيْرِهِ لِعَدَمِ الِالْتِزَامِ،

أَوْ بِأَلْفٍ، أَمَّا لَوْ قَالَ وَعَلَيْك أَلْفٌ فَقَبِلَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَسَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ فَقَبِلَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ: أَيْ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الْأَدَاءِ وَلَزِمَهَا الْمَالُ فَيُطَالِبُهَا بِهِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً اخْتَلَعَتْ بِإِذْنِ سَيِّدِهَا حَتَّى تُبَاعَ فِيهِ، وَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا تُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى جَعْلِ عَلَى لِلشَّرْطِ وَاعْتِبَارِ الْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ الْقَبُولَ لَا الْأَدَاءَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ قَالَ وَقَدْ عَلَّقَهُ بِقَبُولِهَا وَالْمُعَيَّنُ لِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي مَقَامِ الْمُعَاوَضَةِ وَفِي الْمُعَاوَضَاتِ يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِالْقَبُولِ لَا الْأَدَاءِ، وَإِلَى هُنَا يَتِمُّ التَّقْرِيرُ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ.

وَزَادَ فِي النِّهَايَةِ قَوْلَهُ: وَلَوْ قُلْنَا بِتَعْلِيقَةِ بِالْأَدَاءِ كَانَتْ كَلِمَةُ (عَلَى) لِلشَّرْطِ الْمَحْضِ، وَهِيَ إنَّمَا كَانَتْ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُعَاوَضَاتِ كَمَا فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ تَدْخُلِي الدَّارَ: يَعْنِي أَنَّ تَعْلِيقَهُ بِالْأَدَاءِ يَخْرُجُ إلَى أَنَّ الْمَعْنَى إنْ أَدَّيْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ الشَّرْطُ الْمَحْضُ وَهُوَ مُضِرٌّ فِي الْمُعَاوَضَاتِ لِاسْتِلْزَامِهِ تَعْلِيقَ الْبَيْعِ عَلَى أَدَاءِ الثَّمَنِ وَنَحْوِهِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ أَمَّا الْخُلْعُ فَلَيْسَ مَحْضُ مُعَاوَضَةٍ لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّهُ يَمِينٌ مِنْ جَانِبِهِ أَوْ الْجَانِبَيْنِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مُحْتَاجًا إلَيْهَا فِي التَّقْرِيرِ لِاسْتِغْنَاءِ الدَّلِيلِ عَنْ ذَلِكَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ تَعْلِيقَ الْوُقُوعِ بِقَبُولِهَا بِحَيْثُ يَنْزِلُ بِمُجَرَّدٍ هُوَ فِيمَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ التَّحْقِيقُ أَمَّا فِيمَا يَحْتَمِلُ فَلَا، فَلِذَا اُخْتُلِفَ فِيمَا إذَا قَالَ خَلَعْت نَفْسَك مِنِّي بِكَذَا فَقَالَتْ قَبِلْت قِيلَ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا. وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: يَنْوِي الزَّوْجُ إنْ أَرَادَ بِهِ التَّحْقِيقَ دُونَ السَّوْمِ يَصِحُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى (قَوْلُهُ لِمَا بَيَّنَّا) يَعْنِي قَوْلَهُ وَلِأَنَّهَا لَا تُسْلِمُ الْمَالَ إلَّا لِتَسْلَمَ لَهَا نَفْسُهَا (قَوْلُهُ وَهِيَ النَّفْسُ) أَنَّثَ ضَمِيرَ الْآخَرِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ لِتَأْنِيثِ اسْمِهِ الْآخَرِ: أَعْنِي النَّفْسَ

(قَوْلُهُ وَإِنْ بَطَلَ الْعِوَضُ فِي الْخُلْعِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي الْفُرْقَةِ عِوَضًا غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>