للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ

(وَإِذَا قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَبَطْنِ أُمِّي أَوْ كَفَخْذِهَا أَوْ كَفَرْجِهَا فَهُوَ مُظَاهِرٌ) لِأَنَّ الظِّهَارَ لَيْسَ إلَّا تَشْبِيهُ الْمُحَلَّلَةِ بِالْمُحَرَّمَةِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَتَحَقَّقُ فِي عُضْوٍ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهِ (وَكَذَا إذَا شَبَّهَهَا بِمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا عَلَى التَّأْبِيدِ مِنْ مَحَارِمِهِ مِثْلَ أُخْتِهِ أَوْ عَمَّتِهِ أَوْ أُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعَةِ)

الطَّلَاقِ. وَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِهِ الْخَيْرَ عَنْ الْمَاضِي كِذْبًا لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَيُصَدَّقُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا فِي التُّحْفَةِ. وَلَوْ قِيلَ الْمَنْسُوخُ كَوْنُ هَذَا اللَّفْظِ طَلَاقًا وَهُوَ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ صِحَّةِ إرَادَتِهِ بِهِ احْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ وَيَصْلُحُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا إلَيْهِ اتِّبَاعِ الْمَشْرُوعِ لَا تَغْيِيرُهُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا وَهُوَ كَلَفْظِ أَنْتِ طَالِقٌ جُعِلَ شَرْعًا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى الْمُخَاطَبَةِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ غَيْرُهُ فَلَا يَقَعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا فِي التُّحْفَةِ.

(قَوْلُهُ لَيْسَ إلَّا تَشْبِيهُ الْمُحَلَّلَةِ بِالْمُحَرَّمَةِ) اللَّامُ فِيهِمَا لِلْعَهْدِ: أَيْ الْمُحَلَّلَةُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ بِالْمُحَرَّمَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ لِأَنَّهُمَا الْمَعْهُودَتَانِ فِيمَا سَبَقَ مِنْ ذِكْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَهَذَا الْمَعْنَى) يَعْنِي تَشْبِيهَ الْمُحَلَّلَةِ بِالْمُحَرَّمَةِ (يَتَحَقَّقُ فِي التَّشْبِيهِ بِعُضْوٍ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ) عَلَى التَّأْبِيدِ لَمَّا كَانَ الظِّهَارُ كَلَامًا تَشْبِيهِيًّا مُشْتَمِلًا عَلَى الْمُشَبَّهَةِ وَالْمُشَبَّهِ بِهَا وَجَبَ إعْطَاءُ ضَابِطِهِمَا؛ فَفِي الْمُشَبَّهَةِ أَنْ تُذْكَرَ هِيَ أَوْ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْهَا أَوْ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ جُمْلَتِهَا كَالرَّأْسِ وَالرَّقَبَةِ وَالْفَرْجِ وَالْوَجْهِ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ التَّعْبِيرِ بِهَذِهِ عَنْ الْكُلِّ فِي الطَّلَاقِ وَالنِّصْفُ وَالثُّلُثُ فِي الْأَوَّلِ، وَفِي الْمُشَبَّهِ بِهَا أَنْ تُذْكَرَ هِيَ أَوْ عُضْوٌ مِنْهَا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ إلَّا أَنَّ مَعَ ذِكْرِهَا يَنْوِي كَمَا سَيَأْتِي.

إذَا عَرَفْت هَذَا فَعِبَارَتُهُ: أَعْنِي قَوْلَهُ وَكَذَا إذَا شَبَّهَهَا بِمَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا إلَى قَوْلِهِ مِثْلُ أُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ وَأُمِّهِ مِنْ الرَّضَاعِ لَيْسَتْ جَيِّدَةً لِأَنَّ ظَاهِرَهَا حُرْمَةُ النَّظَرِ إلَى هَؤُلَاءِ مِنْ الرَّضَاعَةِ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى إذَا شَبَّهَهَا بِجُزْءٍ لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ، فَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ أَوْ رَأْسُك أَوْ وَجْهُك أَوْ رَقَبَتُك أَوْ فَرْجُك أَوْ نِصْفُك أَوْ ثُلُثُك أَوْ سُدُسُك كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ خَالَتِي أَوْ أُمِّ زَوْجَتِي أَوْ كَفَرْجِهَا أَوْ بَطْنِهَا أَوْ فَخْذِهَا أَوْ أَلْيَتِهَا كَانَ مُظَاهِرًا، وَلَوْ قَالَ يَدُك أَوْ رِجْلُك أَوْ شَعْرُك أَوْ ظُفُرُك أَوْ سِنُّك أَوْ بَطْنُك أَوْ فَخْذُك أَوْ جَنْبُك أَوْ ظَهْرُك كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ فَرْجِهَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا لِانْتِفَائِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُشَبَّهَةِ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ أَوْ رَأْسُك إلَى آخِرِ مَا قُلْنَا كَيَدِ أُمِّي أَوْ جَنْبِهَا إلَخْ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا لِانْتِفَائِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِمَّا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهَا وَمَسُّهَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ يَدُك أَوْ رِجْلُك إلَخْ عَلَيَّ كَيَدِهَا أَوْ كَرِجْلِهَا إلَخْ لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا لِانْتِفَائِهِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ، وَإِذَا أُحْكِمَتْ مُلَاحَظَةُ الْأَصْلَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>