للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

احْتِيَاطًا فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا.

وَلَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ حَتَّى وَرِثَتْهُ امْرَأَةٌ فَعِدَّتُهَا عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ. وَقِيلَ عِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ النِّكَاحَ حِينَئِذٍ مَا اُعْتُبِرَ بَاقِيًا إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ فِي حَقِّ الْإِرْثِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَةَ لَا تَرِثُ مِنْ الْكَافِرِ (فَإِذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ انْتَقَلَتْ عِدَّتُهَا إلَى عِدَّةِ الْحَرَائِرِ) لِقِيَامِ النِّكَاحِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (وَإِنْ أَعْتَقَتْ وَهِيَ مَبْتُوتَةٌ أَوْ مُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَمْ تَنْتَقِلْ عِدَّتُهَا

وَإِنَّمَا انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ فَتَجِبُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ انْقَطَعَ بِالْوَفَاةِ حَقِيقَةً وَبِالْمَوْتِ حُكْمًا؛ أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَبَانَهَا قَبْلَ الْمَوْتِ وَبِاعْتِبَارِهِ يَجِبُ عِدَّةُ الطَّلَاقِ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَاعْتِبَارُ قِيَامِ النِّكَاحِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّ تَوْرِيثَهَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ وَلَازِمُهُ لُزُومُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَلَازِمُ اللَّازِمِ لَازِمٌ فَيَلْزَمُ تَوْرِيثَهَا الِاعْتِدَادُ بِعِدَّةِ الْوَفَاةِ فَتَجِبُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ، لَكِنْ بَقِيَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إنَّ اعْتِبَارَهُ قَائِمًا لِرَدِّ قَصْدِهِ عَدَمَ تَوْرِيثِهَا عَلَيْهِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَبْقَى فِي حَقِّ الْعِدَّةِ. وَجَوَابُهُ أَنَّ الْإِرْثَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ وَالْعِدَّةُ تَثْبُتُ بِهِ، فَإِذَا بَقِيَ النِّكَاحُ شَرْعًا فِي حَقِّ الْإِرْثِ فَلَأَنْ يَبْقَى فِي حَقِّ الْعِدَّةِ أَوْلَى مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِلَازِمِهِ، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ احْتِيَاطًا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ مَقِيسٍ عَلَيْهِ مُقَدَّرٍ لِأَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ زَوْجُ الْمُسْلِمَةِ فَمَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ تَرِثُ زَوْجَتُهُ الْمُسْلِمَةُ وَلَيْسَ عَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ بَلْ الْحَيْضُ لِأَنَّ زَوَالَ النِّكَاحِ كَانَ بِالرِّدَّةِ لَا بِالْوَفَاةِ. فَكَذَا هُنَا زَوَالُهُ بِالطَّلَاقِ لَا بِالْمَوْتِ فَلَا تَجِبُ عِدَّةُ الْمَوْتِ، فَأَجَابَ بِمَنْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ أَوَّلًا فَقَالَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ بَلْ تَلْزَمُهَا إلَيْهِ أَشَارَ الْكَرْخِيُّ، وَمَا ذَكَرْت مِنْ مَذْهَبِك فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فَيَلْزَمُهَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُدَّةِ وَالْحِيَضِ فَلَا يَصِحُّ بِهِ الْإِلْزَامُ. وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ لُزُومَ الْحِيَضِ اتِّفَاقِيٌّ فَالْفَرْقُ أَنَّ تَوْرِيثَهَا وَهُوَ الْحُكْمُ الثَّابِتُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ النِّكَاحُ شَرْعٌ قَائِمًا إلَى الْمَوْتِ، لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ كَذَلِكَ لَمْ تَرِثْ إذْ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمَ الْكَافِرُ فَيَلْزَمُ الْعِلْمُ بِاعْتِبَارِ اسْتِنَادِ الْإِرْثِ إلَى وَقْتِ حُدُوثِ الرِّدَّةِ اعْتِبَارًا لِلرِّدَّةِ مَوْتًا حُكْمًا وَقَدْ تَحَقَّقَ هَذَا الْمَوْتُ وَهُمَا مُسْلِمَانِ، غَيْرَ أَنَّهُ زَالَ بِهِ إسْلَامُهُ وَبِذَلِكَ السَّبَبِ لَزِمَهَا الْعِدَّةُ بِالْحِيَضِ فَلَا يَلْزَمُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ.

(قَوْلُهُ فَإِذَا عَتَقَتْ الْأَمَةُ فِي عِدَّتِهَا مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ انْتَقَلَتْ عِدَّتُهَا إلَى عِدَّةِ الْحَرَائِرِ فَتُكْمِلُ ثَلَاثَ حِيَضٍ لِقِيَامِ النِّكَاحِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) أَيْ بَعْدَ الطَّلَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>