. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إلَّا بِاسْتِدَامَةِ الْعَجْزِ إلَى الْمَمَاتِ كَالْفِدْيَةِ فِي حَقِّ الشَّيْخِ الْفَانِي، فَإِذَا ظَهَرَ الدَّمُ ظَهَرَ عَدَمُ الْخَلْفِيَّةِ فَظَهَرَ عَدَمُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، إلَّا أَنَّ هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ الدَّمِ حَيْضًا، وَهَذَا لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْ مُجَرَّدِ وُجُودِهِ لِجَوَازِ كَوْنِهِ دَمًا فَاسِدًا فَلِذَا قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ وَمَعْنَاهُ إذَا رَأَتْ الدَّمَ عَلَى الْعَادَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ ذَلِكَ الْمُعْتَادِ، وَعَوْدُ الْعَادَةِ يُبْطِلُ الْإِيَاسَ ثُمَّ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ هَذَا بِأَنْ تَرَاهُ سَائِلًا كَثِيرًا جَعَلَهُ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا رَأَتْ بَلَّةً يَسِيرَةً وَنَحْوَهَا، وَقَيَّدُوهُ أَيْضًا بِأَنْ يَكُونَ أَحْمَرَ أَوْ أَسْوَدَ، فَلَوْ كَانَ أَصْفَرَ أَوْ أَخْضَرَ أَوْ تَرْبِيَةً لَا يَكُونُ حَيْضًا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ فَقَالَ مَعْنَاهُ: إذَا رَأَتْهُ عَلَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ عَادَتُهَا قَبْلَ الْإِيَاسِ أَصْفَرَ فَرَأَتْهُ كَذَلِكَ أَوْ عَلَقًا فَرَأَتْهُ كَذَلِكَ كَانَ حَيْضًا مُظْهِرًا عَدَمَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ، ثُمَّ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ انْتِقَاضَ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِئْنَافَ، فَاقْتَضَى ثُبُوتَ ذَلِكَ سَوَاءٌ قُلْنَا بِتَقْدِيرِ الْإِيَاسِ بِمُدَّةٍ أَوْ لَا. وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ: فِي رِوَايَةٍ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ، وَإِيَاسُهَا عَلَى هَذِهِ أَنْ تَبْلُغَ مِنْ السِّنِّ مَا لَا يَحِيضُ فِيهِ مِثْلُهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ هَذَا الْمَبْلَغَ وَانْقَطَعَ الدَّمُ حُكِمَ بِإِيَاسِهَا، فَإِنْ رَأَتْ بَعْدُ دَمًا يَكُونُ حَيْضًا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَيَبْطُلُ الِاعْتِدَادُ بِتِلْكَ الْأَشْهُرِ وَيَظْهَرُ فَسَادُ النِّكَاحِ.
وَيُمْكِنُ كَوْنُ الْمُرَادِ بِمِثْلِهَا فِيمَا ذُكِرَ الْمُمَاثَلَةَ فِي تَرْكِيبِ الْبَدَنِ وَالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ. وَفِي رِوَايَةٍ: يُقَدَّرُ بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ، وَفِي الْمَنَافِعِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَدَّرَهُ فِي الرُّومِيَّاتِ بِخَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَفِي غَيْرِهِنَّ بِسِتِّينَ وَعَنْهُ بِسَبْعِينَ، وَبِهِ قَالَ الصَّفَّارُ. وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: لَوْ حَاضَتْ ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ تَصِيرُ سِتِّينَ سَنَةً وَتَعْتَدُّ، وَلَوْ كَانَتْ عَادَةُ أُمِّهَا وَأَخَوَاتِهَا انْقِطَاعَهُ قَبْلَ السِّتِّينَ تَأْخُذُ بِعَادَتِهِنَّ وَبَعْدَ السِّتِّينَ لَا تَأْخُذُ بِعَادَتِهِنَّ.
وَقَالَ الْأَقْطَعُ: فَإِذَا رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ حَيْضًا كَالدَّمِ الَّذِي تَرَاهُ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا يَحِيضُ مِثْلُهَا. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى حُكْمِ الْقَاضِي بِالْإِيَاسِ، وَكَذَا الْعِبَارَةُ الْقَائِلَةُ إذَا بَلَغَتْ الْمُقَدَّرَ: يَعْنِي وَانْقَطَعَ حَيْضُهَا حُكِمَ بِإِيَاسِهَا، فَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ حَيْضًا إنَّمَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بُلُوغِ الْمُقَدَّرِ مَعَ الِانْقِطَاعِ يُحْكَمُ بِهِ شَرْعًا. وَقِيلَ يَكُونُ حَيْضًا وَيَبْطُلُ بِهِ الِاعْتِدَادُ بِالْأَشْهُرِ وَيَظْهَرُ فَسَادُ النِّكَاحِ، لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْإِيَاسِ بَعْدَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ إذَا لَمْ تَرَ الدَّمَ بِالِاجْتِهَادِ وَالدَّمُ حَيْضٌ بِالنَّصِّ، فَإِذَا رَأَتْهُ فَقَدْ وُجِدَ النَّصُّ، بِخِلَافِ الِاجْتِهَادِ فَيَبْطُلُ، كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ يُفِيدُ كَوْنَ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ عَلَى رِوَايَةِ التَّقْدِيرِ، وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِهِ فَلَا خِلَافَ فِي الِانْتِقَاضِ.
وَفِي الْغَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْإِسْبِيجَابِيِّ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ التَّقْدِيرِ. قَالُوا: وَلَوْ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ لَا تُبْطِلُ الْأَشْهُرَ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَنَا، فَثَبَتَ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مَا يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ الِانْتِقَاضِ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِالْإِيَاسِ، وَيُقَيَّدُ الِانْتِقَاضُ بِعَدَمِ حُكْمِهِ بِهِ. فَفِي الْخُلَاصَةِ نَقَلَ مِنْ نَوَادِرِ الصَّلَاةِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْعَجُوزِ الْكَبِيرَةِ إذَا رَأَتْ الدَّمَ مُدَّةَ الْحَيْضِ فَهُوَ حَيْضٌ. ثُمَّ نَقَلَ قَوْلَ ابْنِ مُقَاتِلٍ إنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُحْكَمْ بِإِيَاسِهَا، أَمَّا إذَا انْقَطَعَ وَحُكِمَ بِإِيَاسِهَا وَهِيَ ابْنَةُ سَبْعِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوَهُ فَرَأَتْ الدَّمَ لَا يَكُونُ حَيْضًا. وَقَالَ بَعْدَهُ بِخُطُوطٍ: وَطَرِيقُ الْقَضَاءِ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَسَادَ النِّكَاحِ بِسَبَبِ قِيَامِ الْعِدَّةِ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِجَوَازِهِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ. قَالَ: وَكَانَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ يُفْتِي بِأَنَّهَا لَوْ رَأَتْ بَعْدَ ذَلِكَ دَمًا يَكُونُ حَيْضًا، وَيُفْتِي بِبُطْلَانِ الِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ إنْ كَانَتْ رَأَتْ الدَّمَ قَبْلَ تَمَامِ الْأَشْهُرِ، وَإِنْ كَانَتْ رَأَتْهُ بَعْدَ تَمَامِ الِاعْتِدَادِ بِالْأَشْهُرِ لَا تَبْطُلُ الْأَنْكِحَةُ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ النِّكَاحِ أَوْ لَمْ يَقْضِ. ثُمَّ ذَكَرَ الْخِلَافَ صَرِيحًا مَبْنِيًّا عَلَى مَا قُلْنَاهُ مِنْ مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ أَنَّ الْآيِسَةَ إذَا اعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ وَتَزَوَّجَتْ ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute