وَلَنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ التَّعَرُّفُ عَنْ فَرَاغِ الرَّحِمِ وَقَدْ حَصَلَ بِالْوَاحِدَةِ فَتَتَدَاخَلَانِ، وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ تَابِعٌ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَنْقَضِي بِدُونِ عِلْمِهَا وَمَعَ تَرْكِهَا الْكَفَّ.
مِنْ أَفْعَالِ النَّفْسِ، فَإِنْ أَرَدْنَا تَعْيِينَهُ لَمْ نَرَ أَنْسَبَ بِهِ مِنْ كَوْنِهِ تَرَكَ تِلْكَ الْحُرُمَاتِ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَتَرْكُ الشَّيْءِ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِ كَفِّ النَّفْسِ عَنْهُ أَوْ حَبْسِهَا.
فَمَنْ ظَنَّ الْمُقَابَلَةَ بَيْنَ الْكَفِّ وَالتَّرْكِ بَعُدَ عَنْ التَّحْقِيقِ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ حَاصِلُ ﴿يَتَرَبَّصْنَ﴾ نَهْيًا عَنْ تِلْكَ الْأُمُورِ؛ لِأَنَّهُ طَلَبَ الْكَفَّ عَنْهَا كَمَا جَعَلُوا قَوْله تَعَالَى ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ نَهْيًا عَنْهُ فَالثَّابِتُ تَحْرِيمُ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ لُزُومَ الْكَفِّ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَرْأَةِ إلَّا عِنْدَ عِلْمِهَا بِالسَّبَبِ، إذْ التَّكْلِيفُ بِالْمَقْدُورِ وَلَا قُدْرَةَ بِدُونِ الْعِلْمِ فَيُحْكَمُ بِهَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ وَهِيَ أَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ بِاعْتِبَارِ عِلْمِهِ بِالسَّبَبِ.
وَالْمُقَدِّمَةُ الْقَائِلَةُ: إنَّ الْحُكْمَ الْمُقَيَّدَ بِمُدَّةٍ يَنْتَهِي بِانْتِهَائِهَا لَزِمَ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ بِالطَّلَاقِ حَتَّى تَمَّتْ الْعِدَّةُ خَرَجَتْ عَنْ الْعِدَّةِ غَيْرَ آثِمَةٍ لِأَنَّ الثَّابِتَ فِي حَقِّهَا لَمْ يَكُنْ حُكْمَ الْخِطَابِ، بَلْ غَايَتُهُ أَصْلُ الْوُجُوبِ الثَّابِتِ بِالسَّبَبِ وَلَا طَلَبَ فِي أَصْلِ الْوُجُوبِ عَلَى مَا عُرِفَ، أَوْ عَلِمْت ثُمَّ لَمْ تَكُفَّ: أَيْ لَمْ تَتَرَبَّصْ عَنْ الْخُرُوجِ وَالنِّكَاحِ حَتَّى انْتَهَتْ إلَى حَدِّ الزِّنَا إلَى أَنْ تَمَّتْ الْمُدَّةُ خَرَجَتْ عَنْ الْعِدَّةِ آثِمَةً فَلَا يَكُونُ انْقِضَاؤُهَا بِلَا عِلْمِهَا وَمَعَ تَرْكِهَا الْكَفَّ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْعِبَادَةِ تَابِعٌ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، بَلْ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ تَحَقُّقُهَا فِي حَقِّ مَنْ لَا تَصِحُّ الْعِبَادَةُ مِنْهُ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونَةِ وَالصَّغِيرَةِ، فَعُلِمَ أَنَّ تَحَقُّقَ الْعِدَّةِ فِي الشَّرْعِ بِالْأَصَالَةِ إنَّمَا هُوَ لِتَعَرُّفِ فَرَاغِ الرَّحِمِ وَلِإِظْهَارِ خَطَرِ النِّكَاحِ وَالْبُضْعِ فَقَدْ يَجْتَمِعَانِ كَمَا فِي ذَاتِ الْأَقْرَاءِ وَقَدْ لَا كَمَا فِي الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ، وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ تَابِعٌ وَهُوَ كَفُّ الْقَادِرَةِ الْمُخْتَارَةِ نَفْسَهَا عَنْ مُتَعَلِّقَاتِ تِلْكَ الْحُرُمَاتِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعِدَّةَ تُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الْأُمُورِ، أَمَّا عَلَى التَّرَبُّصِ فَفِي قَوْلِنَا وَجَبَتْ الْعِدَّةُ وَنَحْوِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute