وَهُوَ الْفِقْهُ فَإِنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِطَرِيقِ الْكِفَايَةِ، وَالْفَقِيرَةُ لَا تَفْتَقِرُ إلَى كِفَايَةِ الْمُوسِرَاتِ فَلَا مَعْنَى لِلزِّيَادَةِ، وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجَبِ النَّصِّ أَنَّهُ يُخَاطِبُ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَالْبَاقِي دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِالْمَعْرُوفِ الْوَسَطُ وَهُوَ الْوَاجِبُ وَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّقْدِيرِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ عَلَى الْمُوسِرِ مُدَّانِ وَعَلَى الْمُعْسِرِ مُدٌّ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مُدٌّ وَنِصْفُ مُدٍّ،
فِي قَدْرِ مَا يَجِبُ لَهَا، وَالْحَدِيثُ أَفَادَهُ فَلَا زِيَادَةَ عَلَى النَّصِّ؛ لِأَنَّ مُوجِبَهُ تَكْلِيفَهُ بِإِخْرَاجِ قَدْرَ حَالِهِ، وَالْحَدِيثُ أَفَادَ اعْتِبَارَ حَالِهَا فِي الْقَدْرِ الْوَاجِبِ لَا الْمُخْرِجِ فَيَجْتَمِعَانِ بِأَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا إذَا كَانَتْ مُوسِرَةً وَهُوَ مُعْسِرًا وَيَخْرُجُ قَدْرَ حَالِهِ فَبِالضَّرُورَةِ يَبْقَى الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ عِلْمُهُ ﷺ بِأَنَّ زَوْجَهَا كَانَ مُوسِرًا فَلَمْ يَنُصَّ عَلَى حَالِهِ وَأَطْلَقَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ كِفَايَتَهَا، وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ اعْتِبَارُ حَالِهَا فَإِنَّ الْكِفَايَةَ تَخْتَلِفُ، ثُمَّ هَذَا الْبَحْثُ يُتَّجَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذِهِ الْآيَةِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْله تَعَالَى ﴿عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ﴾ فَلَا لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ فِي نَفْسِ الْوَاجِبِ الْمُفَادِ بِلَفْظٍ عَلَى حَالِهِ إلَّا أَنَّ هَذِهِ فِي الْمُتْعَةِ لَا فِي النَّفَقَةِ، وَيَدَّعِي الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُتْعَةِ وَالنَّفَقَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَسْلُوكًا بِهَا مَسْلَكَ الْكِسْوَةِ بَلْ هِيَ بَدَلُ نِصْفِ الْمَهْرِ، أَوْ أَنَّ قَوْلَهُ ﴿مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ﴾ الْآيَةَ يُقَيِّدُهُ بِالْقُدْرَتَيْنِ: أَيْ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ مَعَ قَدْرِهَا وَكَذَا الْآخَرُ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنْ لَا يَدْفَعَ لِلْفَائِقَةِ مَا يَدْفَعُ لِلْفَقِيرَةِ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْوَاجِبُ) أَيْ الْوَسَطُ هُوَ الْوَاجِبُ بَعْدَ اعْتِبَارِ حَالِهِمَا. وَقَدْ يُقَامُ لَا يَتَمَشَّى عَلَى جَمِيعِ أَقْسَامِ تَفْسِيرِ قَوْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute