للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِأَنَّ مَا وَجَبَ كِفَايَةً لَا يَتَقَدَّرُ شَرْعًا فِي نَفْسِهِ.

(وَإِنْ امْتَنَعَتْ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا مَهْرَهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ) لِأَنَّهُ مَنْعٌ بِحَقٍّ فَكَانَ فَوْتُ الِاحْتِبَاسِ لِمَعْنًى مِنْ قِبَلِهِ فَيُجْعَلُ كَلَا فَائِتٍ.

(وَإِنْ نَشَزَتْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا حَتَّى تَعُودَ إلَى مَنْزِلِهِ) لِأَنَّ

الْخَصَّافِ بَلْ فِي أَوْسَاطِ الْحَالِ وَفِي اخْتِلَافِهِمَا بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فَوْقَ الْإِعْسَارِ وَدُونَ نَفَقَةِ الْيَسَارِ وَهَذَا وَسَطٌ. وَأَمَّا فِي يَسَارِهِمَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: تَجِبُ نَفَقَةٌ هِيَ وَسَطٌ فِي الْيَسَارِ، وَأَمَّا فِي إعْسَارِهِمَا فَيَجِبُ أَيْضًا نَفَقَةُ وَسَطٍ فِي الْإِعْسَارِ وَهُوَ بَعِيدٌ، فَإِنَّهُ إذَا فَرَضَ أَنَّ إعْسَارَهُمَا غَايَةٌ فِي الْإِعْسَارِ فَإِنَّمَا تَجِبُ الْغَايَةُ فِيهِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ حَالِهِ أَوْ حَالِهِمَا لَا يُوجِبُ غَيْرَ ذَلِكَ. وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْرُوفِ فِي قَوْلِهِ «خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكَ» مَا يُقَابِلُ الْمُنْكَرَ فَيَسْتَقِيمُ، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ فِي مُتَوَسِّطَةِ الْحَالِ أَنَّ كِفَايَتَهَا دُونَ كِفَايَةِ الْفَائِقَةِ فَيَجِبُ ذَلِكَ لِيَسَارِهِ وَعِنْدَ غَايَةِ إعْسَارِهَا وَإِعْسَارِهِ الْمَعْرُوفِ دُونَ التَّوَسُّطِ فِيهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَلَى الْقَاضِي اعْتِبَارَ الْكِفَايَةِ بِالْمَعْرُوفِ فِيمَا فَرَضَ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَبِاعْتِبَارِ الْحَالِ مِنْ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ، وَكَمَا يُفْرَضُ لَهَا قَدْرُ الْكِفَايَةِ مِنْ الطَّعَامِ كَذَلِكَ مِنْ الْإِدَامِ؛ لِأَنَّ الْخُبْزَ لَا يُؤْكَلُ إلَّا مَأْدُومًا.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا وَجَبَ كِفَايَةً لَا يَتَقَدَّرُ شَرْعًا فِي نَفْسِهِ) لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الطَّبَائِعِ وَأَحْوَالِ النَّاسِ وَبِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ. وَفِي الْمَبْسُوطِ: وَكُلُّ جَوَابٍ عُرِفَ مِنْ اعْتِبَارِ حَالِهِ أَوْ حَالِهِمَا فِي النَّفَقَةِ فَفِي الْكِسْوَةِ مِثْلُهُ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي الْعُسْرَةِ، كَذَا فِي الْأَصْلِ. وَأَشَارَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا إنَّهُ قَادِرٌ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَاتِ. وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ قَالَ: يَنْظُرُ إلَى زِيِّهِ إلَّا فِي الْعَلَوِيَّةِ وَالْفُقَهَاءِ، وَإِذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهَا فَسَأَلَتْ الْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَ عَنْ يَسَارِهِ فِي السِّرِّ فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْقَاضِي، وَإِنْ فَعَلَهُ فَأَتَاهُ عَنْهُ أَنَّهُ مُوسِرٌ لَمْ يُفْرَضْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْمُوسِرِ إلَّا أَنْ يُخْبِرَهُ بِذَلِكَ عَدْلَانِ أَنَّهُمَا عَلِمَا ذَلِكَ وَيَكُونَانِ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدَيْنِ: فَإِنْ أَخْبَرَاهُ مِنْ وَرَاءِ وَرَاءٍ لَمْ يُؤْخَذْ بِقَوْلِهِمَا، فَإِنْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مُوسِرٌ فَأَقَامَ الزَّوْجُ أَنَّهُ مُحْتَاجٌ أَخَذَ بِبَيِّنَتِهَا وَفَرَضَ عَلَيْهِ نَفَقَةَ الْمُوسِرِ، كَذَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ

(قَوْلُهُ حَتَّى تَعُودَ إلَى مَنْزِلِهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>