للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَطْءِ وَهِيَ كَبِيرَةٌ فَلَهَا النَّفَقَةُ مِنْ مَالِهِ) لِأَنَّ التَّسْلِيمَ قَدْ تَحَقَّقَ مِنْهَا، وَإِنَّمَا الْعَجْزُ مِنْ قِبَلِهِ فَصَارَ كَالْمَجْبُوبِ وَالْعِنِّينِ.

(وَإِذَا حُبِسَتْ الْمَرْأَةُ فِي دَيْنٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا) لِأَنَّ فَوْتَ الِاحْتِبَاسِ مِنْهَا بِالْمُمَاطَلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا بِأَنْ كَانَتْ عَاجِزَةً فَلَيْسَ مِنْهُ، وَكَذَا إذَا غَصَبَهَا رَجُلٌ كُرْهًا فَذَهَبَ بِهَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ، وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّ فَوْتَ الِاحْتِبَاسِ لَيْسَ مِنْهُ لِيُجْعَلَ بَاقِيًا تَقْدِيرًا،

خُصُوصِ زَوْجٍ مَثَلًا فَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ، وَمَنْ لَا فَلَا تَجِبُ لَهَا نَفَقَةٌ. وَفِي خِزَانَةِ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ: عَشْرٌ مِنْ النِّسَاءِ لَا نَفَقَةَ لَهُنَّ: الصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ، وَالنَّاشِزَةُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ، وَإِذَا اغْتَصَبَهَا ظَالِمٌ فَذَهَبَ بِهَا، وَالْمَحْبُوسَةُ فِي دَيْنٍ، وَالْمُسَافِرَةُ بِحَجٍّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا زَوْجُهَا، وَالْأَمَةُ إذَا لَمْ يُبَوِّئْهَا مَوْلَاهَا، وَالْمَنْكُوحَةُ نِكَاحًا فَاسِدًا، وَالْمُرْتَدَّةُ، وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَالْمَرْأَةُ إذَا قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا أَوْ أَبَاهُ بِشَهْوَةٍ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا إلَخْ) ذَكَرَ حُكْمَ الْعَجْزِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ مُنْفَرِدًا وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَهُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ جَمِيعًا بِأَنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ لَا يُطِيقَانِ، وَلَوْ اعْتَبَرَ جَانِبَهُ تَجِبُ، وَلَوْ اعْتَبَرَ جَانِبَهَا لَا تَجِبُ، وَفِي الذَّخِيرَةِ: لَا نَفَقَةَ لَهَا، وَأَكْثَرُ مَا فِي الْبَابِ أَنْ يُجْعَلَ الْمَنْعُ مِنْ قِبَلِهِ كَالْمَعْدُومِ فَالْمَنْعُ مِنْ جِهَتِهَا قَائِمٌ وَمَعَهُ لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ، وَعَنْ هَذَا قُلْنَا: إذَا تَزَوَّجَ الْمَجْبُوبُ صَغِيرَةً لَا تَصْلُحُ لِلْجِمَاعِ لَا يَفْرِضُ لَهَا نَفَقَةً، وَلَا يَخْفَى إمْكَانُ عَكْسِ الْكَلَامِ فَيُقَالُ: يُجْعَلُ الْمَنْعُ مِنْ جِهَتِهَا كَالْمَعْدُومِ فَتَجِبُ إلَى آخِرِهِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ النَّفَقَةَ لَا تَجِبُ إلَّا لِتَسْلِيمِهَا لِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِهَا الْمَقْصُودَةِ بِذَلِكَ التَّسْلِيمِ فَيَدُورُ وُجُوبُهَا مَعَهُ وُجُودًا وَعَدَمًا فَلَا تَجِبُ فِي الصَّغِيرَيْنِ وَتَجِبُ فِي الْكَبِيرَةِ تَحْتَ الصَّغِيرِ.

(قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَهَا النَّفَقَةُ) أَيْ فِي صُورَتَيْ حَبْسِهَا وَغَصْبِهَا لِأَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْ جِهَتِهَا، وَاخْتَارَهُ السُّغْدِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ لِأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ احْتِبَاسِهِ إيَّاهَا، غَيْرَ أَنَّهُ إذَا فَاتَ الِاحْتِبَاسُ لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ جُعِلَ بَاقِيًا تَقْدِيرًا فَتَجِبُ مَعَ فَوَاتِهِ، فَإِذَا كَانَ لَا لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهِ لَمْ يَكُنْ تَقْدِيرًا قَائِمًا فَفَاتَ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَهُوَ الْمُوجِبُ لَيْسَ غَيْرُ، فَعِنْدَ عَدَمِهِ يَنْعَدِمُ الْحُكْمُ، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ غَصَبَ الْعَيْنَ مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجَرِ لَا يَجِبُ الْأَجْرُ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ لَا مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَأْجَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جِهَةِ الْآجِرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ حُبِسَ هُوَ ظُلْمًا أَوْ فِي حَقٍّ يَقْدِرُ عَلَى إيفَائِهِ أَوْ لَا يَقْدِرُ أَوْ هَرَبَ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ أَسْلَمَتْ وَأَبَى هُوَ الْإِسْلَامَ أَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ، وَكَذَا كُلُّ فُرْقَةٍ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا بِحَقٍّ لَا تُسْقِطُ النَّفَقَةَ كَالْفُرْقَةِ بِخِيَارِ الْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ وَعَدَمِ الْكَفَاءَةِ أَوْ بِسَبَبِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ حَيْثُ يَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ لِفَوَاتِهِ مِنْ جِهَتِهِ حَقِيقَةً أَوْ مَعْنًى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَعَمُّدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>