للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ، لَكِنَّ النِّصَابَ نِصَابُ حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ.

(وَإِذَا كَانَ لِلِابْنِ الْغَائِبِ مَالٌ قُضِيَ فِيهِ بِنَفَقَةِ أَبَوَيْهِ) وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ فِيهِ (وَإِذَا بَاعَ أَبُوهُ مَتَاعَهُ فِي نَفَقَتِهِ جَازَ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ (وَإِنْ بَاعَ الْعَقَارَ لَمْ يَجُزْ) وَفِي قَوْلِهِمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ، لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ لِانْقِطَاعِهَا بِالْبُلُوغِ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ فِي حَالِ حَضْرَتِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْبَيْعَ فِي دَيْنٍ لَهُ سِوَى النَّفَقَةِ،

دَوَانِقَ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّانِقَانِ لِلْقَرِيبِ، وَمَحْمَلُ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى حَاجَةِ الْإِنْسَانِ إنْ كَانَ مُكْتَسِبًا وَلَا مَالَ لَهُ حَاصِلٌ اُعْتُبِرَ فَضْلُ كَسْبِهِ الْيَوْمِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَلْ كَانَ لَهُ مَالٌ اُعْتُبِرَ نَفَقَةُ شَهْرٍ فَيُنْفِقُ ذَلِكَ الشَّهْرَ، فَإِنْ صَارَ فَقِيرًا ارْتَفَعَتْ نَفَقَتُهُمْ عَنْهُ. وَمَالَ السَّرَخْسِيُّ إلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْكَسْبِ فَإِنَّهُ عَلَّلَهُ بِأَنْ قَالَ: لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فَيُعْتَبَرُ فِي جَانِبِ الْمُؤَدِّي بِتَيْسِيرِ الْأَدَاءِ وَتَيْسِيرُ الْأَدَاءِ مَوْجُودٌ إذَا كَانَ كَسْبُهُ يَفْضُلُ عَنْ نَفَقَتِهِ.

وَقَالَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ: قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَرْفَقُ وَمَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ إلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَنِهَايَةُ الْيَسَارِ لَا حَدَّ لَهَا، وَبِدَايَتُهُ النِّصَابُ فَيَتَقَدَّرُ بِهِ. وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ بَعْدَمَا نَقَلَ أَنَّهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ: وَبِهِ يُفْتَى وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ نِصَابُ حِرْمَانِ الصَّدَقَةِ.

(قَوْلُهُ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ مُقَدَّرٌ بِالنِّصَابِ لَكِنْ لَا كَمَا يَقُولُ أَبُو يُوسُفَ، وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُ النُّصُبِ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، إلَّا أَنَّ النَّفَقَةَ لَمَّا كَانَتْ حَقَّ الْآدَمِيِّ نَفْسِهِ تُعْتَبَرُ مُجَرَّدُ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ كَوْنِهِ فَاضِلًا عَنْ حَاجَتِهِ، وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ حَقٌّ يَجِبُ لِلَّهِ تَعَالَى بِسَبَبِ الْآدَمِيِّ، وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى يُرَاعَى فِيهَا مِنْ التَّيْسِيرِ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْعَبْدِ الْمُحْتَاجِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُطْلَقًا بَلْ إذَا لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ لَهُ قَدْرُ نِصَابٍ فَاضِلٍ لِتَجِبَ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ. فَإِذَا أَنْفَقَ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ سَقَطَتْ، وَإِنْ كَانَ كَسُوبًا يُعْتَبَرُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهَذَا يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى.

(قَوْلُهُ وَإِذَا كَانَ لِلِابْنِ الْغَائِبِ مَالٌ قَضَى فِيهِ بِنَفَقَةِ أَبَوَيْهِ) لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ يَقْضِي لَهُ بِالنَّفَقَةِ عِنْدَ غَيْبَةِ مَنْ عَلَيْهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إذَا قَدَرَ بِلَا قَضَاءٍ، فَالْوَالِدَانِ وَالْوَلَدُ وَالزَّوْجَةُ إذَا قَدَرُوا عَلَى مَالٍ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ جَازَ لَهُمْ أَنْ يُنْفِقُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ إذَا احْتَاجُوا.

(قَوْلُهُ وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ فِيهِ) عِنْدَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلَا يُقْضَى بِنَفَقَةٍ فِي مَالِ غَائِبٍ إلَّا لِهَؤُلَاءِ وَهُوَ قَوْلُهُ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ نَفَقَةَ هَؤُلَاءِ وَاجِبَةٌ قَبْلَ الْقَضَاءِ، وَلِهَذَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا فَكَانَ قَضَاءُ الْقَاضِي إعَانَةً لَهُمْ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَ الْعَقَارَ لَمْ يَجُزْ) وَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ بَيْعُ عَقَارِ الِابْنِ إلَّا إذَا كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ لِانْقِطَاعِهَا بِالْبُلُوغِ) وَقَرَّرَ فِي النِّهَايَةِ وَجْهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>