لِوُجُودِ الْإِسْنَادِ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الصَّبِيُّ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ إذَا احْتَلَمْت لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِقَوْلٍ مُلْزِمٍ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ غَيْرِهِ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ لِقَوْلِهِ ﷺ «لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ابْنُ آدَمَ».
(وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَنْتِ حُرٌّ أَوْ مُعْتَقٌ أَوْ عَتِيقٌ أَوْ مُحَرَّرٌ أَوْ قَدْ حَرَّرْتُك أَوْ قَدْ أَعْتَقْتُك فَقَدْ عَتَقَ نَوَى بِهِ الْعِتْقَ أَوْ لَمْ يَنْوِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ صَرِيحَةٌ فِيهِ.
الظَّاهِرِيَّةِ لِلْعَبْدِ وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَالنَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَمَالِكٌ لِمَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ أَنَّهُ ﷺ قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَالْمَالُ لِلْعَبْدِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَكَانَ عُمَرُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَالِهِ، قِيلَ: الْحَدِيثُ خَطَأٌ وَفِعْلُ عُمَرَ مِنْ بَابِ الْفَضْلِ، وَلِلْجُمْهُورِ مَا عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِهِ: يَا عُمَيْرُ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْتِقَك عِتْقًا هَنِيًّا فَأَخْبِرْنِي بِمَالِك، فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ غُلَامَهُ فَلَمْ يُخْبِرْهُ بِمَالِهِ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قَالَ الصَّبِيُّ إلَخْ) وَكَذَا إذَا قَالَ الْمَجْنُونُ إذَا أَفَقْت فَهُوَ حُرٌّ لَا يَنْعَقِدُ كَلَامُهُمَا سَبَبًا عِنْدَ الشَّرْطِ لِعَدَمِ الْأَهْلِيَّةِ حَالَ التَّكَلُّمِ الْمُلْزِمِ فَلَمْ يَقَعْ تَعْلِيقًا مُعْتَبَرًا.
(قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ ﷺ إلَخْ) رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الطَّلَاقِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ ﷺ «لَا نَذْرَ لِابْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا عِتْقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ. وَلَا طَلَاقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَهُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ غَيْرِهِ لَا يَنْفُذُ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْوَكَالَةِ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ صَرِيحٌ فِيهِ) أَيْ الْأَلْفَاظُ الَّتِي تُسْتَعْمَلُ لِإِنْشَاءِ الْإِعْتَاقِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ فَالصَّرِيحُ الْمَوْلَى وَالْحُرِّيَّةُ وَالْعِتْقُ بِأَيِّ صِيغَةٍ كَانَ فِعْلًا أَوْ وَصْفًا أَوْ مَصْدَرًا، فَالْفِعْلُ نَحْوَ أَعْتَقْتُك وَحَرَّرْتُك وَأَعْتَقَك اللَّهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: بِالنِّيَّةِ وَالْوَصْفِ نَحْوَ أَنْتَ حُرٌّ مَحْرَمٌ عَتِيقٌ مُعْتَقٌ، وَلَوْ فِي النِّدَاءِ كَيَا حُرُّ يَا عَتِيقُ فَإِنَّهُ هَكَذَا حُرٌّ، وَالْمَوْلَى كَقَوْلِهِ هَذَا مَوْلَايَ أَوْ يَا مَوْلَايَ يُعْتَقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، وَالْمَصْدَرُ الْعَتَاقُ عَلَيْك وَعِتْقُك عَلَيَّ.
وَلَوْ زَادَ قَوْلُهُ وَاجِبٌ لَمْ يُعْتَقْ لِجَوَازِ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ بِكَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ. وَلَوْ قَالَ أَنْتَ عِتْقٌ أَوْ عَتَاقٌ أَوْ حُرِّيَّةٌ عَتَقَ بِالنِّيَّةِ، ذَكَرَهُ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ. فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ إصْلَاحِ ضَابِطِ الصَّرِيحِ، ثُمَّ حُكْمُ الصَّرِيحِ أَنْ يَقَعَ بِهِ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ لَا إنْ نَوَى غَيْرَهُ إلَّا فِي الْقَضَاءِ.
أَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَقَعُ إذَا نَوَى غَيْرَهُ، فَلَوْ قَالَ: نَوَيْت بِالْمَوْلَى النَّاصِرَ لَا يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ عَلَى مَا نَوَى، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ هَازِلًا، فَإِنْ كَانَ هَازِلًا فَإِنَّهُ يَقَعُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ وَهُوَ الْكَذِبُ هَزْلًا هَكَذَا يَقْتَضِيهِ مَا صَدَّرَ بِهِ الْحَاكِمُ كِتَابَ الْعِتْقِ مِنْ الْكَافِي مِنْ قَوْلِهِ ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute