للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ عَتَقَ) وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا؛ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ لِأَنَّ وِلَايَةَ الدَّعْوَةِ بِالْمِلْكِ ثَابِتَةٌ وَالْعَبْدُ مُحْتَاجٌ إلَى النَّسَبِ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ، وَإِذَا ثَبَتَ عَتَقَ لِأَنَّهُ يَسْتَنِدُ النَّسَبُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ لِلتَّعَذُّرِ وَيُعْتَقُ إعْمَالًا لِلَّفْظِ فِي مَجَازِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ إعْمَالِهِ بِحَقِيقَتِهِ، وَوَجْهُ الْمَجَازِ نَذْكُرُهُ مِنْ بَعْدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَلَوْ قَالَ هَذَا مَوْلَايَ أَوْ يَا مَوْلَايَ عَتَقَ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ اسْمَ الْمَوْلَى

وُضِعَ لَهُ غَيْرُ مَانِعٍ، إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ أَوْسَعَ مِنْ الْحَقِيقِيِّ، وَلَا بِدَعَ فِي ذَلِكَ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ فِي الْمَجَازَاتِ الْعَامَّةِ، فَإِنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ فِيهَا يَصِيرُ فَرْدًا مِنْ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ، كَذَا هَذَا يَصِيرُ زَوَالُ الْيَدِ مِنْ أَفْرَادِ الْمَجَازِيِّ: أَعْنِي الْعِتْقَ أَوْ زَوَالَ الْمِلْكِ، فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ كَوْنُ نَفْيِ السُّلْطَانِ مِنْ الْكِنَايَاتِ.

(قَوْلُهُ وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ) قِيلَ هَذَا قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ لَا مُعْتَبَرٌ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمَبْسُوطِ. وَذَكَرَ فِي الْيَنَابِيعِ الثَّبَاتُ لَيْسَ بِلَازِمٍ. وَفِي النِّهَايَةِ رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِي وَفِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِأَبِي الْفَضْلِ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَثَبَتَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ بِهِ الْكَرَامَةَ وَالشَّفَقَةَ حَتَّى لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ يُصَدَّقُ. وَفِي أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ: الثَّبَاتُ عَلَى ذَلِكَ شَرْطٌ لِثُبُوتِ النَّسَبِ لَا الْعِتْقِ، وَيُوَافِقُهُ مَا فِي الْمُحِيطِ وَجَامِعِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَالْمُجْتَبَى: هَذَا لَيْسَ بِقَيْدٍ حَتَّى لَوْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أُوهِمْت أَوْ أَخْطَأْت يُعْتَقُ وَلَا يُصَدَّقُ وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ يُولَدُ مِثْلُهَا لِمِثْلِهِ هَذِهِ بِنْتِي ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا. قَالُوا: هَذَا فِي مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ، أَمَّا مَجْهُولَةُ النَّسَبِ إنْ دَامَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ. قَالَ فِي الْمُجْتَبَى عُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الثَّبَاتَ شَرْطُ الْفُرْقَةِ وَامْتِنَاعُ جَوَازِ النِّكَاحِ لَا الْعِتْقِ، وَإِنَّمَا شَرَطَ الثَّبَاتَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ لَا الْعِتْقِ لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِهِ دُونَ الْعِتْقِ عَلَى مَا سَمِعْت مِنْ التَّزَوُّجِ بِمَنْ أَقَرَّ بِبِنْتَيْهَا. وَفِي مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ: إذَا أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِأَخٍ مِنْ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَابْنِ ابْنٍ أَوْ بِعَمٍّ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ أَنْكَرَهُ الْمَرِيضُ وَقَالَ لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ ثُمَّ أَوْصَى بِمَالِهِ لِرَجُلٍ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَإِنَّ الْمَالَ كُلَّهُ لِلْمُوصَى لَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ الْمَرِيضَ جَحَدَ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ إقْرَارُهُ لَازِمًا، ثُمَّ إذَا قَالَ هَذَا ابْنِي هَلْ تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إذَا كَانَتْ فِي مِلْكِهِ؟ قِيلَ لَا سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ مَجْهُولَ النَّسَبِ أَوْ مَعْرُوفَ النَّسَبِ، وَقِيلَ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ حَتَّى لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَهُ حَتَّى ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَهَذَا أَعْدَلُ.

(قَوْلُهُ إذَا كَانَ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ) يَعْنِي إذَا كَانَ مِثْلُهُ فِي السِّنِّ يَجُوزُ شَرْعًا أَنْ يَكُونَ ابْنًا لِمِثْلِ الْمُدَّعِي فِي السِّنِّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ. وَحَاصِلُهُ إذَا كَانَ سِنُّهُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ ابْنَهُ لَا الْمُشَاكَلَةَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي أَبْيَضَ نَاصِعًا وَالْمَقُولُ لَهُ أَسْوَدُ حَالِكٌ أَوْ بِالْقَلْبِ وَسِنُّهُ يَحْتَمِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>