للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُسِّمَ وَالْقِسْمَةُ تُنَافِي الشَّرِكَةَ.

وَلَهُ أَنَّهُ احْتَبَسَتْ مَالِيَّةُ نَصِيبِهِ عِنْدَ الْعَبْدِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ كَمَا إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ فِي ثَوْبِ إنْسَانٍ وَأَلْقَتْهُ فِي صَبْغِ غَيْرِهِ حَتَّى انْصَبَغَ بِهِ فَعَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ قِيمَةُ صَبْغِ الْآخَرِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا لِمَا قُلْنَا فَكَذَا هَهُنَا، إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ فَقِيرٌ فَيَسْتَسْعِيهِ.

لَهُمَا فِيهِ أَنَّ جَمِيعَ النُّصُوصِ الَّتِي ظَاهِرُهَا تُجْزِئُ الْإِعْتَاقِ كَقَوْلِهِ «فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ» وَحَدِيثُ «فَعَلَيْهِ خَلَاصُهُ فِي مَالِهِ» وَقَوْلُهُ «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ ثُمَّ عَتَقَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا» فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَكَذَا مَا انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُسْلِمٍ «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَتَقَ» وَاَلَّتِي ظَاهِرُهَا عَدَمُ تَجْزِيئِهِ كَحَدِيثِ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ مِنْ غُلَامٍ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ، وَأَجَازَ عِتْقَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَزَادَ رَزِينٌ فِي مَالِهِ. وَفِي لَفْظٍ «هُوَ حُرٌّ كُلُّهُ لَيْسَ لِلَّهِ شَرِيكٌ» وَحَدِيثُ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْهُ «مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ أَوْ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَكَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ بِقِيمَةِ الْعَدْلِ فَهُوَ عَتِيقٌ» كُلُّهَا تُفِيدُ أَنَّ الْحُكْمَ الثَّابِتَ عِنْدَ يَسَارِهِ التَّضْمِينُ لَيْسَ غَيْرُ، وَلِذَا اخْتَارَ الطَّحَاوِيُّ قَوْلَهُمَا. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ قَسَّمَ فَجَعَلَ الْحُكْمَ عِنْدَ يَسَارِهِ تَضْمِينَهُ وَعِنْدَ إعْسَارِهِ الِاسْتِسْعَاءَ، وَالْقِسْمَةُ تُنَافِي الشَّرِكَةَ.

وَاسْتُدِلَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ (إنَّهُ) أَيْ السَّاكِتُ (احْتَبَسَتْ) عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ (مَالِيَّةُ نَصِيبِهِ عِنْدَ الْعَبْدِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ) وَإِنْ وَقَعَ احْتِبَاسُهَا عِنْدَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (كَمَا إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ فَأَلْقَتْ ثَوْبَ إنْسَانٍ فِي صَبْغِ غَيْرِهِ فَانْصَبَغَ بِهِ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الصَّبْغِ أَنْ يُضَمِّنَ مَالِكَ الثَّوْبِ قِيمَةَ صَبْغِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا لِمَا قُلْنَا، إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ فَقِيرٌ فَيَسْتَسْعِيهِ) وَيَأْخُذُ فَضْلَ كَسْبِهِ كَالْمُعْسِرِ الْمَدْيُونِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ تَضْمِينَ الْمُعْتِقِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْقِيَاسُ تَضْمِينُ

<<  <  ج: ص:  >  >>