للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا الْخَارِجُ فَلِأَنَّ الْإِيجَابَ الْأَوَّلَ دَائِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّابِتِ، وَهُوَ الَّذِي أُعِيدَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ فَأَوْجَبَ عِتْقَ رَقَبَةٍ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فَيُصِيبُ كُلًّا مِنْهُمَا النِّصْفُ، غَيْرَ أَنَّ الثَّابِتَ اسْتَفَادَ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي رُبُعًا آخَرَ لِأَنَّ الثَّانِيَ دَائِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاخِلِ، وَهُوَ الَّذِي سَمَّاهُ فِي الْكِتَابِ آخِرًا فَيَتَنَصَّفُ بَيْنَهُمَا، غَيْرَ أَنَّ الثَّابِتَ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْحُرِّيَّةِ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ فَشَاعَ النِّصْفُ الْمُسْتَحَقُّ بِالثَّانِي فِي نِصْفَيْهِ، فَمَا أَصَابَ الْمُسْتَحِقَّ بِالْأَوَّلِ لَغَا، وَمَا أَصَابَ الْفَارِغَ بَقِيَ فَيَكُونُ لَهُ الرُّبُعُ فَتَمَّتْ لَهُ ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ هُوَ بِالثَّانِي يَعْتِقُ نِصْفُهُ، وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ الدَّاخِلُ لَا يَعْتِقُ هَذَا النِّصْفُ فَيَنْتَصِفُ فَيَعْتِقُ مِنْهُ الرُّبُعُ بِالثَّانِي وَالنِّصْفُ بِالْأَوَّلِ، وَأَمَّا الدَّاخِلُ فَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: لَمَّا دَارَ الْإِيجَابُ الثَّانِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّابِتِ وَقَدْ أَصَابَ الثَّابِتَ مِنْهُ الرُّبُعُ فَكَذَلِكَ يُصِيبُ الدَّاخِلَ وَهُمَا يَقُولَانِ إنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَهُمَا، وَقَضِيَّتُهُ التَّنْصِيفُ وَإِنَّمَا نَزَلَ إلَى الرُّبُعِ فِي حَقِّ الثَّابِتِ لِاسْتِحْقَاقِهِ النِّصْفَ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَلَا اسْتِحْقَاقَ لِلدَّاخِلِ مِنْ قَبْلُ

أَدَاءِ السِّعَايَةِ فَلَا يَلْزَمُهُمَا مُخَالَفَةُ أَصْلِهِمَا.

وَرُدَّ عَلَى ذَلِكَ الطَّالِبِ بِأَنَّهُ لَوْ عَتَقَ الْكُلُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ابْتِدَاءً ثُمَّ يَسْعَى وَهُوَ حُرٌّ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُوجَبُ قَوْلِ الْمَوْلَى أَحَدُكُمَا حُرٌّ إعْتَاقَ الِاثْنَيْنِ وَهُوَ بَاطِلٌ، بَلْ أَحَدُكُمَا لَا يُؤَدِّي مَعْنَى كِلَاكُمَا؛ وَقَدْ يَدْفَعُ عَنْهُ هَذَا بِمَنْعِ كَوْنِ الْمُوجَبِ ذَلِكَ بَلْ مُوجَبُهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ شَائِعَةٍ، وَإِنَّمَا عَتَقَ الْكُلُّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلضَّرُورَةِ الَّتِي اقْتَضَتْ تَوْزِيعَهُ وَحِينَ لَزِمَ التَّوْزِيعُ فَوَجَبَ عِتْقُ بَعْضٍ وَجَبَ وُقُوعُهُ فِي الْكُلِّ فَكَانَ التَّوْزِيعُ مُقْتَضَى الضَّرُورَةِ فَوُقُوعُ عِتْقِ النِّصْفِ مَثَلًا مُوجَبًا لِلتَّوْزِيعِ كَوُقُوعِهِ مُوجَبًا لِقَوْلِهِ أَعْتَقْت نِصْفَك، فَكَمَا يَقَعُ انْعِتَاقُ النِّصْفِ انْعِتَاقًا لِلْكُلِّ إذَا وَقَعَ عَنْ مُوجَبِهِ كَذَلِكَ يَقَعُ هُنَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مُوجَبَ أَصْلًا لِخُرُوجِهِمَا عَنْ أَصْلِهِمَا، وَمُوَافَقَةُ أَبِي يُوسُفَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي عِتْقِ نِصْفِ الدَّاخِلِ لَا تُوجِبُ مُوَافَقَتَهُ فِي التَّجَزِّي. وَوَجْهُ الِاتِّفَاقِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (أَمَّا الْخَارِجُ فَلِأَنَّ الْإِيجَابَ الْأَوَّلَ دَائِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّابِتِ وَهُوَ الَّذِي أُعِيدَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ فَأَوْجَبَ عِتْقَ رَقَبَةٍ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فَيُصِيبُ كُلًّا مِنْهُمَا النِّصْفُ) إذْ لَا مُرَجِّحَ (غَيْرَ أَنَّ الثَّابِتَ اسْتَفَادَ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي رُبُعًا آخَرَ لِأَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاخِلِ فَيَتَنَصَّفُ بَيْنَهُمَا) لَكِنَّ نِصْفَ الثَّابِتِ شَاعَ فِي نِصْفَيْهِ، فَمَا أَصَابَ مِنْهُ الْمُعْتَقَ بِالْأَوَّلِ لَغَا، وَمَا أَصَابَ الْفَارِغَ مِنْ الْعِتْقِ عَتَقَ فَيَسْلَمُ لَهُ الرُّبُعُ مُضَافًا إلَى عِتْقِ النِّصْفِ بِالْأَوَّلِ فَتَمَّ لَهُ عِتْقُ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ (وَلِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ الثَّابِتُ بِالثَّانِي يَعْتِقُ نِصْفُهُ) الْبَاقِي، وَلَوْ أُرِيدَ الدَّاخِلُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ فَعَتَقَ نِصْفُهُ فِي حَالٍ وَلَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ فِي حَالٍ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ لَهُ فَيَعْتِقُ رُبُعُهُ وَقَدْ كَانَ عَتَقَ لَهُ النِّصْفُ بِالْأَوَّلِ فَيَكْمُلُ لَهُ عِتْقُ ثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ.

وَجْهُ الْمَذْكُورِ لِمُحَمَّدٍ فِي الدَّاخِلِ أَنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِيَ دَائِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّابِتِ وَقَدْ أَصَابَ الثَّابِتَ مِنْهُ الرُّبُعُ فَكَذَلِكَ يُصِيبُ الدَّاخِلَ (قَوْلُهُ وَهُمَا يَقُولَانِ) حَاصِلُهُ أَنَّ إصَابَةَ الرُّبُعِ عِنْدَهُمَا لَيْسَ قَضِيَّةً لِلْكَلَامِ بَلْ قَضِيَّتُهُ عِتْقُ نِصْفِهِ لَكِنَّهُ لِشُيُوعِهِ فِي كُلِّهِ وَنِصْفِهِ شَائِعًا مُعْتَقٌ، فَمَا أَصَابَ مِنْهُ هَذَا النِّصْفُ لَغَا، وَمَا أَصَابَ الْقِنَّ عَتَقَ فَلَغَا رُبُعُهُ. وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ فِي النِّصْفِ الَّذِي أَصَابَ الدَّاخِلَ، وَقَدْ عَلِمْت آنِفًا أَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يُوَافِقْ عَلَى هَذَا التَّوْجِيهِ، وَتَقَدَّمَ لَهُ أَيْضًا أَنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِيَ صَحِيحٌ فِي حَالَةٍ وَهِيَ أَنْ يُرِيدَ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ الْخَارِجَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَالَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الثَّابِتَ لِمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ يَثْبُتُ بِهِ عِتْقٌ كَامِلٌ بَيْنَهُمَا لِكُلٍّ نِصْفُهُ، وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ صِحَّتِهِ لَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ أَصْلًا فَانْتَصَفَ الثَّابِتُ بِهِ فَأَصَابَ كُلًّا رُبُعُهُ فَلِذَا عَتَقَ مِنْ الثَّابِتِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَمِنْ الدَّاخِلِ رُبُعُهُ. وَإِذَا عَرَفْت هَذَا ظَهَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>