قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ: وَفَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِوَصْفِ الذُّكُورَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي تَدْخُلُ الْحَامِلُ فَيَدْخُلُ الْحَمْلُ تَبَعًا لَهَا.
(وَإِنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ، أَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ وَلَهُ مَمْلُوكٌ فَاشْتَرَى آخَرَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدُ غَدٍ عَتَقَ الَّذِي فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ) لِأَنَّ قَوْلَهُ أَمْلِكُهُ لِلْحَالِ حَقِيقَةً يُقَالُ: أَنَا أَمْلِكُ كَذَا وَكَذَا وَيُرَادُ بِهِ الْحَالُ، وَكَذَا يُسْتَعْمَلُ لَهُ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ وَالِاسْتِقْبَالُ بِقَرِينَةِ السِّينِ أَوْ سَوْفَ فَيَكُونُ مُطْلَقُهُ لِلْحَالِ فَكَانَ الْجَزَاءُ حُرِّيَّةَ الْمَمْلُوكِ فِي الْحَالِ مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ الْغَدِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا يَشْتَرِيهِ بَعْدَ الْيَمِينِ.
فَلِأَنَّ اللَّفْظَ: أَيْ لَفْظَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي لِلْحَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ وَجْهِهِ، وَفِي قِيَامِ الْحَمْلِ حَالَ التَّكَلُّمِ احْتِمَالٌ لِوُجُودِ تَمَامِ مُدَّةِ الْحَمْلِ بَعْدَهُ، فَجَازَ أَنْ لَا يَكُونَ قَائِمًا عِنْدَهُ فَلَا يَعْتِقُ مَعَ هَذَا الِاحْتِمَالِ، وَلَمْ يَقُلْ لَا يَعْتِقُ بِالشَّكِّ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ لَا تَكُونُ إلَّا أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَأَمَّا إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلِأَنَّ التَّيَقُّنَ لِوُجُودِهِ حَالَ التَّكَلُّمِ وَإِنْ كَانَ قَائِمًا، لَكِنَّ لَفْظَ الْمَمْلُوكِ الْمُطْلَقِ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْمَمْلُوكِ بِالْأَصَالَةِ وَالِاسْتِقْلَالِ، وَالْحَمْلُ مَمْلُوكٌ تَبَعًا لِأُمِّهِ كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا حَتَّى يَنْتَقِلَ بِانْتِقَالِهَا وَيَتَغَذَّى بِغِذَائِهَا كَمَا يَتَغَذَّى الْعُضْوُ بِهِ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ مُنْفَرِدًا بَلْ تَبَعًا لِلْحَامِلِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الشَّرْعِ نَفْسًا مَمْلُوكَةً أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَا تَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ ﵀: وَفَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالذُّكُورَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: كُلُّ مَمْلُوكٍ وَلَمْ يَقُلْ ذَكَرٍ تَدْخُلُ الْأُنْثَى فَتَدْخُلُ الْحَامِلُ فَيَعْتِقُ حَمْلُهَا تَبَعًا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ مَمْلُوكٍ إمَّا لِذَاتٍ مُتَّصِفَةٍ بِالْمَمْلُوكِيَّةِ وَقَيْدُ التَّذْكِيرِ لَيْسَ جُزْءَ الْمَفْهُومِ وَإِنْ كَانَ التَّأْنِيثُ جُزْءَ مَفْهُومِ مَمْلُوكَةٍ فَيَكُونُ مَمْلُوكٌ أَعَمَّ مِنْ مَمْلُوكَةٍ فَالثَّابِتُ فِيهِ عَدَمُ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّأْنِيثِ لَا الدَّلَالَةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْنِيثِ وَإِمَّا أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ اسْتَمَرَّ فِيهِ عَلَى الْأَعَمِّيَّةِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ) يَعْنِي أَنَّ بَعْدَ غَدٍ ظَرْفٌ لِحُرٍّ لَا لِأَمْلِكهُ (أَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ وَلَهُ مَمْلُوكٌ وَاحِدٌ) فِي الصُّورَتَيْنِ (فَاشْتَرَى آخَرَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدُ غَدٍ عَتَقَ الَّذِي كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ) دُونَ الْمُشْتَرِي وَلَفْظُ: بَعْدُ غَدٍ بِالرَّفْعِ لِأَنَّهُ فَاعِلٌ لِجَاءَ لَا ظَرْفٌ. وَوَجْهُهُ أَنَّ كُلَّ مَمْلُوكٍ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لِلْحَالِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute