للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُتَقَوِّمَةً فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ، وَهَذَا يَكْفِي لِوُجُوبِ الضَّمَانِ كَمَا فِي الْقِصَاصِ الْمُشْتَرَكِ إذَا عَفَا أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ يَجِبُ الْمَالُ لِلْبَاقِينَ.

(وَلَوْ مَاتَ مَوْلَاهَا عَتَقَتْ بِلَا سِعَايَةٍ)؛ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ، وَلَوْ عَجَزَتْ فِي حَيَاتِهِ لَا تُرَدُّ قِنَّةً؛ لِأَنَّهَا لَوْ رُدَّتْ قِنَّةً أُعِيدَتْ مُكَاتَبَةً لِقِيَامِ الْمُوجِبِ

(وَمَنْ اسْتَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ ثُمَّ مَلَكَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ،

أُمِرْنَا بِذَلِكَ فَقَدْ أُمِرْنَا بِاعْتِبَارِهَا مُتَقَوِّمَةً فِي حَقِّهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ ثُلُثُ قِيمَتِهَا قِنَّةً مَعَ الْخِلَافِ فِيهِ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُتَقَوِّمَةً مُطْلَقًا فَهِيَ مُحْتَرَمَةٌ، وَهَذَا يَكْفِي لِإِيجَابِ الضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَضْمُونُ مَالًا كَمَا فِي الْقِصَاصِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ مُسْتَحِقِّينَ إذَا عَفَا أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهُ يَجِبُ الْمَالُ لِلْبَاقِينَ؛ لِأَنَّهُ احْتَبَسَ نَصِيبُهُمْ عِنْدَ الْقَاتِلِ بِعَفْوِ مَنْ عَفَا، وَلَيْسَ نَصِيبُهُمْ حَقًّا مَالِيًّا بَلْ حَقٌّ مُحْتَرَمٌ فَيَلْزَمُهُ بَدَلُهُ بِمَنْزِلَةِ إزَالَةِ مِلْكِهِ بِلَا بَدَلٍ فَيَتَضَرَّرُ الذِّمِّيُّ إلَّا أَنَّ هَذَا لَوْ تَمَّ اسْتَلْزَمَ التَّضْمِينَ بِغَصْبِ الْمَنَافِعِ وَغَصْبِ أُمِّ الْوَلَدِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ لِلضَّمَانِ مُجَرَّدُ الِاحْتِرَامِ.

وَوُجِّهَ أَيْضًا بِأَنَّ بَدَلَ الْكِتَابَةِ بِمُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَهُوَ فَكُّ الْحَجْرِ فَلَمْ تَدُلَّ السِّعَايَةُ عَلَى تَقَوُّمِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَأَنْتَ سَمِعْت فِي الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ وَجْهَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بَدَلَ مَا هُوَ مَالٌ فَارْجِعْ إلَيْهِ، وَأَنَّ كَوْنَهُ بَدَلَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ قَوْلُ مُحَمَّدٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَ مَوْلَاهَا النَّصْرَانِيُّ عَتَقَتْ) وَسَقَطَتْ عَنْهَا السِّعَايَةُ. (لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ)

(قَوْلُهُ: وَمَنْ اسْتَوْلَدَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ) يَعْنِي تَزَوَّجَ أَمَةً لِغَيْرِهِ فَوَلَدَتْ لَهُ (ثُمَّ مَلَكَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) بِذَلِكَ الْوَلَدِ الَّذِي وَلَدَتْهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَلَوْ كَانَ نِكَاحًا فَاسِدًا وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ. (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ لَوْ جَاءَتْ بِهِ مِنْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ فَمَلَكَهَا، ثُمَّ عِنْدَنَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ مِنْ وَقْتِ مِلْكِهَا لَا مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ، وَعِنْدَ زُفَرَ مِنْ وَقْتِ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ عِنْدَ الْمِلْكِ بِالْعُلُوقِ السَّابِقِ فَبَعْدَ ذَلِكَ الْعُلُوقِ كُلُّ مَنْ وُلِدَ لَهَا ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ، وَنَحْنُ نَقُولُ: إنَّمَا ثَبَتَ فِيهَا وَصْفُ الْأُمِّيَّةِ بَعْدَ الْمِلْكِ، وَإِنْ كَانَ بِأَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ فَقَبْلَهُ الْوَلَدُ مُنْفَصِلٌ وَلَا سِرَايَةَ فِي الْمُنْفَصِلِ قَبْلَ الْأُمُومَةِ.

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ مَلَكَ وَلَدًا لَهَا مِنْ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا لَهُ بَيْعُهُ عِنْدَنَا خِلَافًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ابْنَ أُمِّ وَلَدٍ لَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَ وَلَدَهُ مِنْهَا قَبْلَ مِلْكِهَا فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. وَفِي الْمَبْسُوطِ: لَوْ طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَتْ بِآخَرَ فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَى الْكُلَّ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعَتَقَ وَلَدُهُ، وَوَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ خِلَافًا لَزُفَرَ، بِخِلَافِ الْحَادِثِ فِي مِلْكِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ أُمِّهِ، وَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ بِنِكَاحٍ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَظَهَرَتْ أَمَةً تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عِنْدَنَا.

وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ: فِي قَوْلٍ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَفِي آخَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>