وَيَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ، وَيَمِينُ لَغْوٍ. (فَالْغَمُوسُ هُوَ الْحَلِفُ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ فِيهِ، فَهَذِهِ الْيَمِينُ يَأْثَمُ فِيهَا صَاحِبُهَا) لِقَوْلِهِ ﷺ «مَنْ حَلَفَ كَاذِبًا أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ» (وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا إلَّا التَّوْبَةَ وَالِاسْتِغْفَارَ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ: فِيهَا الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِرَفْعِ ذَنْبٍ هَتَكَ حُرْمَةَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ تَحَقَّقَ بِالِاسْتِشْهَادِ بِاَللَّهِ كَاذِبًا فَأَشْبَهَ الْمَعْقُودَةَ. وَلَنَا أَنَّهَا كَبِيرَةٌ مَحْضَةٌ،
وَالْأَصَحُّ مِنْ النُّسَخِ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ عَلَى الْوَصْفِ لَا الْإِضَافَةِ أَوْ يَمِينٌ غَمُوسٌ. وَأَمَّا يَمِينُ الْغَمُوسِ فَإِضَافَةُ الْمَوْصُوفِ إلَى صِفَتِهِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ، وَمَا قِيلَ هُوَ كَعِلْمِ الطِّبِّ رُدَّ بِأَنَّهُ إضَافَةُ الْجِنْسِ إلَى نَوْعِهِ؛ لِأَنَّ الطِّبَّ نَوْعٌ لَا وَصْفٌ لِلْمُضَافِ وَمِثْلُ صَلَاةِ الْأُولَى مَقْصُورٌ عَلَى السَّمَاعِ، وَسُمِّيَتْ غَمُوسًا لِغَمْسِهَا صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ ثُمَّ فِي النَّارِ فَعُولٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ بِصِيغَةِ الْمُبَالَغَةِ. (قَوْلُهُ: فَالْغَمُوسُ هُوَ الْحَلِفُ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ بِهِ) وَلَيْسَ هَذَا بِقَيْدٍ بَلْ الْحَلِفُ عَلَى الْحَالِ أَيْضًا كَذَلِكَ كَوَاللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيَّ دَيْنٌ وَهُوَ يَعْلَمُ خِلَافَهُ، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ ثَابِتٌ بِلَا شُبْهَةٍ.
وَأَقْرَبُ الْأَلْفَاظِ إلَيْهِ مَا فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَدْخَلَهُ النَّارَ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ مَصْبُورَةٍ كَاذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَالْمُرَادُ بِالْمَصْبُورَةِ الْمُلْزِمَةُ بِالْقَضَاءِ وَالْحُكْمِ: أَيْ الْمَحْبُوسُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مَصْبُورٌ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا إلَّا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ) وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ ﵄ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: فِيهَا الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ) فِي الْأَصْلِ وَهِيَ الْمَعْقُودَةُ (لِرَفْعِ ذَنْبٍ هَتَكَ حُرْمَةَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ تَحَقَّقَ) فِي الْغَمُوسِ فَيَتَعَدَّى إلَيْهِ وُجُوبُهَا. (وَلَنَا أَنَّهَا كَبِيرَةٌ مَحْضَةٌ) لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ «قَالَ الْكَبَائِرُ: الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute