ثُمَّ الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ مَا يُقْصَدُ بِهِ الشِّبَعُ عَادَةً وَتُعْتَبَرُ عَادَةُ أَهْلِ كُلِّ بَلْدَةٍ فِي حَقِّهِمْ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ الشِّبَعِ.
(وَمَنْ قَالَ إنْ لَبِسْت أَوْ أَكَلْت أَوْ شَرِبْت فَعَبْدِي حُرٌّ، وَقَالَ عَنَيْت شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ لَمْ يُدَنْ فِي الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ) لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَصِحُّ فِي الْمَلْفُوظِ وَالثَّوْبُ وَمَا يُضَاهِيهِ غَيْرُ مَذْكُورٍ تَنْصِيصًا وَالْمُقْتَضَى لَا عُمُومَ لَهُ فَلَغَتْ نِيَّةَ التَّخْصِيصِ فِيهِ (وَإِنْ قَالَ إنْ لَبِسْت ثَوْبًا أَوْ أَكَلْت طَعَامًا أَوْ شَرِبْت شَرَابًا لَمْ يُدَنْ فِي الْقَضَاءِ خَاصَّةً) لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي مَحَلِّ الشَّرْطِ فَتَعُمُّ فَعُمِلَتْ نِيَّةُ التَّخْصِيصِ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يَدِينُ فِي الْقَضَاءِ.
عَلَى الْمَسَاءِ الثَّانِي وَهُوَ مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ: وَالضَّحْوَةُ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي تَحِلُّ فِيهَا الصَّلَاةُ إلَى نِصْفِ النَّهَارِ، وَالتَّصْبِيحُ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى ارْتِفَاعِ الضَّحْوَةِ: يَعْنِي الْكُبْرَى لِأَنَّهُ مِنْ الْإِصْبَاحِ وَهَذَا يُعْرَفُ بِتَسْمِيَةِ أَهْلِ اللُّغَةِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَيَأْتِيَنه غَدْوَةً فَهَذَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى نِصْفِ النَّهَارِ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ مَا يُقْصَدُ بِهِ الشِّبَعُ عَادَةً) وَكَذَا السُّحُورُ، فَلَوْ أَكَلَ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا لَمْ يَبْلُغْ نِصْفَ الشِّبَعِ لَا يَحْنَثُ بِحَلِفِهِ مَا تَغَدَّيْت وَلَا تَعَشَّيْت وَلَا تَسَحَّرْت. وَيُرَدُّ أَنَّهُ ﷺ قَالَ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: «تَعَشَّوْا وَلَوْ بِكَفٍّ مِنْ حَشَفٍ فَإِنَّ تَرْكَ الْعَشَاءِ مَهْرَمَةٌ» وَمَعْلُومٌ أَنَّ كَفًّا مِنْ حَشَفٍ لَا يَبْلُغُ فِي الْعَادَةِ نِصْفَ الشِّبَعِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْعُرْفَ الطَّارِئَ يُفِيدُ أَنَّهُ مَعَ الشِّبَعِ لِلْقَطْعِ مَا بِقَوْلِهِمْ مَا تَغَدَّيْت الْيَوْمَ أَوْ مَا تَعَشَّيْت الْبَارِحَةَ وَإِنْ كَانَ أَكَلَ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ وَكَذَا يُعْتَبَرُ فِي الْغَدَاءِ وَأَخَوَيْهِ فِي حَقِّ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ مَا يَعْتَادُونَهُ مِنْ مَأْكُولِهِمْ، فَلَوْ كَانَ عَادَتُهُمْ أَكْلَ الْخُبْزِ فِي الْغَدَاءِ أَوْ اللَّحْمِ أَوْ اللَّبَنِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ حَتَّى إنَّ الْحَضَرِيَّ إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْغَدَاءِ فَشَرِبَ اللَّبَنَ لَمْ يَحْنَثْ، وَالْبَدْوِيُّ يَحْنَثُ لِأَنَّهُ غِذَاءُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، وَلَوْ أَكَلَ غَيْرَ الْخُبْزِ مِنْ أُرْزٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ غَيْرُ مُعْتَادٍ التَّغَدِّي بِهِ حَتَّى شَبِعَ لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا. .
(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ إنْ لَبِسْت أَوْ أَكَلْت أَوْ شَرِبْت فَعَبْدِي حُرٌّ وَقَالَ نَوَيْت شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ) مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute