للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ وَلَمْ يَنْوِ عَبْدًا بِعَيْنِهِ أَوْ امْرَأَةَ فُلَانٍ أَوْ صَدِيقَ فُلَانٍ فَبَاعَ فُلَانٌ عَبْدَهُ أَوْ بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ أَوْ عَادَى صَدِيقَهُ فَكَلَّمَهُمْ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى فِعْلٍ وَاقِعٍ فِي مَحَلٍّ مُضَافٍ إلَى فُلَانٍ، إمَّا إضَافَةُ مِلْكٍ أَوْ إضَافَةُ نِسْبَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ فَلَا يَحْنَثُ، قَالَ هَذَا فِي إضَافَةِ الْمِلْكِ بِالِاتِّفَاقِ. وَفِي إضَافَةِ النِّسْبَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحْنَثُ كَالْمَرْأَةِ

فَالْجَوَابُ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُعَادَةَ غَيْرُ الْحَيَاةِ الْمَحْلُوفِ عَلَى إذْنِهِ فِيهَا وَقُدُومِهِ وَهِيَ الْحَيَاةُ الْقَائِمَةُ حَالَةَ الْحَلِفِ لِأَنَّ تِلْكَ عَرَضٌ تَلَاشِي لَا يُمْكِنُ إعَادَتُهَا بِعَيْنِهَا، وَإِنْ أُعِيدَتْ الرُّوحُ فَإِنَّ الْحَيَاةَ غَيْرُ الرُّوحِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَازِمٌ لِلرُّوحِ فِيمَا لَهُ رُوحٌ

(قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ وَلَمْ يَنْوِ عَبْدًا لَهُ بِعَيْنِهِ) إنَّمَا أَرَادَ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ بِالْعُبُودِيَّةِ أَوْ امْرَأَةَ فُلَانٍ إلَخْ.

اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى هِجْرَانِ مَحَلِّ مُضَافٍ إلَى فُلَانٍ كَلَا يُكَلِّمُ عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ زَوْجَتَهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ أَوْ لَا يَرْكَبُ فَرَسَهُ أَوْ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْإِضَافَةَ فِي الْكُلِّ مَعْرِفَةٌ لِعَيْنِ مَا عَقَدَ الْيَمِينَ عَلَى هَجْرِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ إضَافَةَ مِلْكٍ كَعَبْدِهِ وَدَارِهِ وَدَابَّتِهِ أَوْ إضَافَةَ نِسْبَةٍ أُخْرَى غَيْرِ الْمَلِكِ كَزَوْجَتِهِ وَصَدِيقِهِ، فَالْإِضَافَةُ مُطْلَقًا تُفِيدُ النِّسْبَةَ وَالنِّسْبَةُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا نِسْبَةُ مِلْكٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ إضَافَةِ النِّسْبَةِ تُقَابِلُ إضَافَةَ الْمَلِكِ كَمَا فَعَلَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ لِأَنَّهُ تَقَابُلٌ بَيْنَ الْأَعَمِّ وَالْأَخَصِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِخُصُوصِ عُرْفٍ اصْطِلَاحِيٍّ وَهُوَ مَحْمَلُ الْجَعْلِ الْمَذْكُورِ لِلْمُصَنِّفِ، وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الْإِضَافَةُ مُطْلَقًا لِلتَّعْرِيفِ فَبَعْدَ ذَلِكَ إمَّا أَنْ يُقْرِنَ بِهِ لَفْظَ الْإِشَارَةِ كَقَوْلِهِ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ هَذَا أَوْ زَوْجَتَهُ هَذِهِ أَوْ لَا، فَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْإِشَارَةِ الظَّاهِرُ أَنَّ الدَّاعِي فِي الْيَمِينِ كَرَاهَتُهُ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ وَإِلَّا لَعَرَّفَهُ بِاسْمِ الْعَلَمِ، ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِالْإِضَافَةِ أَنَّ عَرَضَ اشْتِرَاكِ مِثْلِ لَا أُكَلِّمُ رَاشِدًا عَبْدَ فُلَانٍ لِيُزِيلَ الِاشْتِرَاكَ الْعَارِضَ فِي اسْمِ رَاشِدٍ أَوْ فُلَانَةَ زَوْجَةَ فُلَانٍ كَذَلِكَ، فَلَمَّا اقْتَصَرَ عَلَى الْإِضَافَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَهُ وَلَا أَشَارَ إلَيْهِ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِمَعْنًى فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَإِنْ احْتَمَلَ أَنْ يَهْجُرَ بَعْضَهَا لِذَاتِهِ أَيْضًا كَالزَّوْجَةِ وَالصَّدِيقِ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ بِالِاحْتِمَالِ، وَحِينَئِذٍ فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى هَجْرِ الْمُضَافِ حَالَ قِيَامِ الْإِضَافَةِ وَقْتَ الْفِعْلِ بِأَنْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْيَمِينِ وَدَامَتْ الْإِضَافَةُ إلَى وَقْتِ الْفِعْلِ أَوْ انْقَطَعَتْ ثُمَّ وُجِدَتْ بِأَنْ بَاعَ وَطَلَّقَ ثُمَّ اسْتَرَدَّ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقْتُ الْيَمِينِ فَاشْتَرَى عَبْدًا فَكَلَّمَهُ حَنِثَ، وَكَذَا لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ فَاسْتَحْدَثَ زَوْجَةً يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ ارْتَفَعَتْ النِّسْبَةُ الثَّابِتَةُ الَّتِي عَنْهَا صُحِّحَتْ الْإِضَافَةُ بِأَنْ بَاعَ فُلَانٌ عَبْدَهُ وَدَارَهُ وَثَوْبَهُ وَدَابَّته وَعَادَى صَدِيقَهُ وَطَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَكَلَّمَ الْعَبْدَ وَالْمَرْأَةَ وَالصَّدِيقَ لَا يَحْنَثُ، وَكَذَا إذَا لَبِسَ الثَّوْبَ أَوْ دَخَلَ الدَّارَ أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ لَا يَحْنَثُ لِمَا قُلْنَا إنَّ الْيَمِينَ انْعَقَدَتْ بِاعْتِبَارِ النِّسْبَةِ الْقَائِمَةِ وَقْتَ الْفِعْلِ وَالْحَالُ أَنَّهَا زَائِلَةٌ عِنْدَهُ وَهَذَا الْأَصْلُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ فِي الْمَمْلُوكِ عَلَى الْإِضَافَةِ الْقَائِمَةِ وَقْتَ الْفِعْلِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَفِي إضَافَةِ النِّسْبَةِ عَلَى الْقَائِمَةِ وَقْتَ الْيَمِينِ، فَتَفَرَّعَ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَعَادَى صَدِيقَهُ وَاسْتَحْدَثَ زَوْجَةً وَصَدِيقًا فَكَلَّمَ الْمُسْتَحْدَثَ لَا يَحْنَثُ، وَلَوْ كَلَّمَ الْمَتْرُوكَةَ حَنِثَ، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ مِنْ الزِّيَادَاتِ. وَوَجْهُهُ مَا جَوَّزْنَاهُ فِي أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>