للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَبْدُ فُلَانٍ هَذَا أَوْ امْرَأَةُ فُلَانٍ بِعَيْنِهَا أَوْ صَدِيقُ فُلَانٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْعَبْدِ وَحَنِثَ فِي الْمَرْأَةِ وَالصَّدِيقِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَحْنَثُ فِي الْعَبْدِ أَيْضًا) وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ فَبَاعَهَا ثُمَّ دَخَلَهَا فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ) وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّعْرِيفِ وَالْإِشَارَةِ أَبْلَغُ مِنْهَا فِيهِ لِكَوْنِهَا قَاطِعَةً لِلشَّرِكَةِ، بِخِلَافِ الْإِضَافَةِ فَاعْتُبِرَتْ الْإِشَارَةُ وَلُغِيَتْ الْإِضَافَةُ وَصَارَ كَالصَّدِيقِ وَالْمَرْأَةِ. وَلَهُمَا أَنَّ الدَّاعِي إلَى الْيَمِينِ مَعْنًى فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْيَانَ لَا تُهْجَرُ وَلَا تُعَادَى لِذَوَاتِهَا، وَكَذَا الْعَبْدُ لِسُقُوطِ مَنْزِلَتِهِ بَلْ لِمَعْنًى فِي مُلَّاكِهَا فَتَتَقَيَّدُ الْيَمِينُ بِحَالِ قِيَامِ الْمِلْكِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْإِضَافَةُ إضَافَةَ نِسْبَةٍ كَالصَّدِيقِ وَالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ يُعَادَى لِذَاتِهِ فَكَانَتْ الْإِضَافَةُ لِلتَّعْرِيفِ وَالدَّاعِي الْمَعْنَى فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ، بِخِلَافِ، مَا تَقَدَّمَ

وَإِذَا اُعْتُبِرَتْ انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى خُصُوصِ الْعَيْنِ فَلَزِمَ الْحِنْثُ بِتَرْكِ هِجْرَانِهَا بَعْدَ الْإِضَافَةِ كَمَا قَبْلَهُ، وَهُمَا يَقُولَانِ إنَّ هِجْرَانَ الْمُضَافِ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا لَيْسَ لِذَاتِهِ لِسُقُوطِ اعْتِبَارِهَا فَتَقَيَّدَ بِبَقَاءِ النِّسْبَةِ مَعَ الْإِشَارَةِ وَعَدَمِهَا، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مِمَّا يُعَادَى لِنَفْسِهِ كَمَا يُعَادَى لِغَيْرِهِ فَعِنْدَ عَدَمِ الْإِشَارَةِ اسْتَوَى الْحَالُ فَلَا يَحْنَثُ بِالشَّكِّ وَمَعَ زِيَادَةِ الْإِشَارَةِ تَرَجَّحَ كَوْنُ هَجْرِهِ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ، فَلَا يَتَقَيَّدُ الْحِنْثُ بِدَوَامِ الْإِضَافَةِ لِأَنَّ كَوْنَ الدَّاعِي إلَى الْيَمِينِ مَعْنًى فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي غَيْرِ الْمَمْلُوكِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ إضَافَةُ الْمِلْكِ لِأَنَّ الدَّاعِي كَمَا يَجُوزُ كَوْنُهُ مَعْنًى فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ يَجُوزُ كَوْنُهُ نَفْسُ الْمُضَافِ حَيْثُ كَانَ صَالِحًا لَأَنْ يُعَادَى لِنَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ لَغَتْ الْإِضَافَةَ مَمْنُوعٌ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ لَمْ تَكُنْ لَهَا فَائِدَةٌ أُخْرَى لَكِنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ لَهَا فَائِدَةً وَهِيَ إفَادَةُ أَنَّ الْهِجْرَانَ مَنُوطٌ بِنِسْبَتِهِ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ لِغَيْظٍ مِنْهُ فَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْهَا لِفَائِدَتِهِ.

وَقَدْ رَجَّحَ ابْنُ الْعِزِّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ بِأَنَّ الْعَبْدَ وَإِنْ كَانَ سَاقِطَ الْمَنْزِلَةِ قَدْ يُقْصَدُ بِالْهِجْرَانِ وَالْحَالِفُ لَوْ أَرَادَ هِجْرَانَهُ لِأَجْلِ سَيِّدِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْإِشَارَةِ، فَلَمَّا أَشَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>